للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإغتاط أنطونيوس من وقاحة هذا "الولد" على حد قوله. وأعلن أن بعضهم قد حاول قتله، وأن الذي كان يريد اغتياله قد قال إن اكتافيان هو المحرض له. وأنكر اكتافيان هذه التهمة، وقال إنه برئ منها، وانتهز شيشرون فرصة هذا النزاع وأدخل في رومه أكتافيان أن أنطونيوس فظ غير مهذب يجب أن يهزم. ووافق أكتافيان على هذا الرأي، وضم فيلقيه إلى فيالق القنصلين هرتيوس Hirtius وبنسا Pansa، وزحف بها كلها شمالاً لقتال أنطونيوس. وأمد شيشرون هذه الحرب الأهلية الجديدة بطائفة من الاتهامات المقذعة ضمنها أربع عشرة "فلبة (١) قوية" في الطعن على سياسة أنطونيوس العامة وحياته الخاصة، ألقى بعضها في مجلس الشيوخ أو في الجمعية، ونشر بقيتها للدعاوة ضد أنطونيوس على أحسن الصور التي صارت الدعاوة الحربية تنشر بها في مستقبل الأيام. ولما التقى الجيشان في موتينا Mutina (مودينا Modena) هزم أنطونيوس وفر من الميدان (٤٤)؛ ولكن هرتيوس وبنسا قتلا في المعركة. وعاد أكتافيان إلى رومه وأصبح القائد الأوحد لفيالق مجلس الشيوخ وفيالقه هو، وأرغم المجلس وهو مؤيد بهذه القوة على أن يعينه قنصلاً، وأن يلغى العفو الذي أصدره عن المتآمرين وأن يحكم عليهم جميعاً بالإعدام. ولما تبين له أن شيشرون ومجلس الشيوخ من ألد أعدائه، وأن كل ما في الأمر أنهما يتخذانه أداة مؤقتة للقضاء على أنطونيوس لما تبين له هذا سوى النزاع القائم بينه وبين أنطونيوس، وكون منه ومن أنطونيوس ولبدس الحكومة الثلاثية الثانية. (٤٣ - ٣٣ ق. م)، ثم زحفت جيوشهم المتحالفة على رومه واستولت عليها دون أن تلقى مقاومة، وفر كثون من الشيوخ ومن المحافظين إلى جنوبي إيطاليا والى الولايات الخارجية، واعترفت الجمعية بهذه الحكومة الثلاثية، وخولتها سلطات كاملة مدى خمسة أعوام.


(١) كان هذا اللفظ يطلق أولاً على كل خطبة من خطب ثلاث لديموستين ضد فليب المقدوني، ثم صار علماً على كل خطبة فيها طعن- واتهام كخطب شيشرون ضد أنطونيوس. المترجم