وأبحر أسطول أنطونيوس وكليوبطرة في شهر سبتمبر من عام ٣٢ إلى البحر الأيوني. وكان مؤلفاً من خمسمائة سفينة حربية، ولم يكن أسطول بهذه القدرة قد ظهر على متن البحر من قبل. وكان يؤيده جيش مؤلف من ثلاثمائة ألف من المشاة، واثني عشر ألفاً من الفرسان، وأمدهما بمعظمه أمراء الشرق وملوكه يرجون من وراء ذلك أن تكون هذه الحرب وسيلة للتحرر من نير رومه. وعبر أكتافيان البحر الأدرياوي بأربعمائة سفينة وثمانين ألف جندي من المشاة واثني عشر ألفاً من الفرسان. وظلت القوات المتعادية عاماً أو نحو عام تستعد للمعركة الفاصلة وتضع خططها؛ فلما كان اليوم الثاني من شهر سبتمبر عام ٣١ التحم الجيشان والأسطولان عند أكتيوم في الخليج الأمبراسي في معركة من المعارك الحاسمة في التاريخ. وبرهن أجربا على أنه أبرع من أعدائه في وضع الخطط، وكانت سفينه الخفيفة أسهل وأخف حركة من سفائن أنطونيوس الضخمة ذات الأبراج العالية. وقد أحرقت النار هذه السفن إذ ألقى عليها بحارة أكتافيان مشاعل متقدة. ويصف ديوكاسيوس Dio Cassius ما حدث وقتئذ بقوله:
"وأهلك الدخان بعض البحارة قبل أن تصلهم النيران، ومنهم من نضج لحمهم في دروعهم التي احمرت من شدة اللهب، ومنهم من شوتهم النار شياً في سفنهم كما تشوي اللحوم في الأفران. وألقى الكثيرون منهم أنفسهم في البحر، ومن هؤلاء من إلتهمتهم الحيتان، ومنهم من قتلوا رمياً بالسهام، ومنهم من قضوا نحبهم غرقاً. ولم يمت من هذا الجيش كله ميتة يستطيعون تحملها إلا من قتل بعضهم بعضاً (١٥).
ورأى أنطونيوس أن الدائرة قد دارت عليه، وأشار إلى كليوبطرة أن تنفذ خطة الانسحاب التي اتفقا عليها من قبل. فوجهت ما بقي من أسطولها نحو الجنوب، وانتظرت قدوم أنطونيوس. ولما عجز من إنقاذ السفينة المعقود لواؤها له، غادرها وركب قارباً أقله إلى كليوبطرة، وجلس هو وحده في مقدم السفينة