أثناء عودتهما إلى الإسكندرية ورأسه بين يديه، فقد أدرك أنه خسر كل شيء حتى الشرف.
وسار أكتافيان إلى أثينا ومنها إلى إيطاليا ليخمد فتنة ثارت بين جنوده الذين أخذوا يطالبون بأن يباح لهم نهب مصر، ثم رجع إلى آسيا ليعاقب بعض من انضموا من أهلها إلى أنطونيوس، وليجمع أموالاً جديدة يسعف بها المدن التي طال عليها عهد الشقاء والحرمان. ثم اتجه بعدئذ نحو الإسكندرية (٣٠). وكان أنطونيوس قد ترك كليوبطرة وأقام في جزيرة قرب فاروس، وأرسل منها رسلاً يطلب الصلح، ولكن أكتافيان لم يعبأ بهم، وأرسلت كليوبطرة إلى أكتافيان على غير علم من أنطونيوس صولجاناً وتاجاً وعرشاً من الذهب دليلاً على خضوعها له. وكان جوابه لها- على حد قول ديو- أنه يتركها ويترك مصر دون أن يمسها بأذى إذا قتلت أنطونيوس (١٦).
وكتب الحاكم المهزوم إلى أكتافيان مرة أخرى يذكره بصداقتهما الماضية وبكل المرح الطائش الذي اشتركا فيه أيام الصبا، وقال إنه يرضى بأن يقتل نفسه إذا عفا هو عن كليوبطرة، ولم يرد عليه أكتافيان في هذه المرة أيضاً. وجمعت كليوبطرة كل ما استطاعت جمعه من أموال مصر في أحد أبراج القصر ثم أبلغت أكتافيان أنها ستتلف هذه الأموال كلها وتقتل نفسها إذا لم يعقد معها صلحاً شريفاً. وسار أنطونيوس على رأس القوة الصغيرة التي كانت باقية لديه ليحارب عدوه في المعركة الأخيرة، واستطاع بشجاعة اليائس أن يكسب نصراً مؤقتاً، ولكنه أبصر في اليوم الثاني جنود كليوبطرة المرتزقة تستلم للعدو، وتراءى إليه أن كليوبطرة قد ماتت، فطعن نفسه طعنة قضت على حياته. ولما علم أن الخبر مكذوب طلب إلى أتباعه أن ينقلوه إلى البرج الذي آوت الملكة ووصيفاتها إلى حُجَره العليا وأغلقت عليهن الأبواب، فأدخل إليها من النافذة ومات بين ذراعيها. وسمح لها أكتافيان أن تخرج من البرج وتدفن حبيبها، ثم أجاز لها