للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرئيس أصدقاءه إلى أكلة يُقدم فيها إنسان مشوي، وفي ذلك قال رئيس برازيلي فيلسوف: "ما دمتُ قد قتلتُ عدوي، فلا شك أنه من الخير أن آكله بدل أن أتركه فيضيع خسارةً لا يفيد منه أحد. . . ليس أسوأ الحالات أن يؤكل الإنسان، لكن أسوأها أن يموت، فإذا ما قُتلتُ فسواء لدي أأكلني عدو القبيلة أم تركني؛ على أنني لا أجد بين صنوف الصيد جميعاً ما هو ألذ مذاقاً من طعم الإنسان. والحق أنكم أيها البيض قد بلغتم الغاية في حسن المذاق" (٢٣).

ومما لا ريب فيه أن هذه العادة قد كان لها حسنات اجتماعية معينة؛ فقد سبقت إلى الوجود الخطة التي اقترحها "سوفت" في شأن الانتفاع بالأطفال الزائدين عن الحاجة، ثم أفسحت أمام الكهول مجالا وهو أن يموتوا موتا فيه نفع للآخرين؛ أضف إلى ذلك وجهة النظر التي لا ترى في الجنائز إلا إسرافاً لا تدعو إليه ضرورة؛ ولقد كان من رأي "مونتيني" أن تعذيب الإنسان حتى يُسلم الروح تحت قناع من الورع والتقوى- كما كانت الحال في عصره- أفظع وحشية من طهيه وأكله بعد موته؛ إنه لواجب علينا أن يحترم كل منا أوهام الآخر.