وهو كأبيقور يقدر الصداقة فوق الحب، وكفرجيل يمتدح إصلاحات أغسطس، ويعيش في حياته كلها عزباً". وقد بذل كل ما في وسعهِ داعياُ إلى الدين ولكنه كان لا دين لهُ، وكان يشعر أن الموت يقضي على كل شيء (٥٦).
وقد أظلمت أفكاره أيامه الأخيرة-وأوتي حظه من الأسقام، فكان ممعوداً مصاباً بالنقرس وبغيره من الأمراض. ومن أقواله في رثاء حاله: "إن السنين وهي تمر تسلبنا كل مسراتنا واحدة بعد واحدة (٥٧)". ويقول لصديق آخر: "واحسرتاه يابستيوس إن السنين تمر بنا سراعاً؛ لن تستطيع تقوانا أن تمنع عنا غضون أجسامنا، أو تقدم أعمارنا، أو الموت الذي لا يُقهر (٥٨)". وقد ذكر في قصيدتهِ الهجائية الأولى كيف كان يأمل إذا حانت منيته أن يفارق الحياة الدنيا راضياً "كالضيف الذي نال من الوليمة كفايته (٥٩)". وها هو ذا الآن يقول لنفسهِ: "لقد لعبت ما شئت أن تلعب، وأكلت ما شئت أن تأكل، وشربت ما شئت أن تشرب، وقد آن أن ترحل (٦٠) ". وقد انقضت خمس عشر سنة مذ قال لما سيناس إنه لن يطول أجله كثيراً بعد رجل المال (٦١). وقد مات ماسيناس في عام ١٨ ق. م وتبعه هوراس بعد بضعة أشهر، وأوصى بأملاكه إلى الإمبراطور ودفن بجوار قبر ماسيناس.