من الجمال، والذكاء، والعلم، والمال، فاستطاع بذلك أن يفتح جميع الأبواب المغلقة. وتزوج مرتين في شبابهِ، وطلق زوجته، ثم قضى بعض الوقت يرعى في المراعي العامة (١) ويقول: "فليجد غيري مسراتهم في الماضي، وأما أنا فما أسعدني إذ ولدت في هذا العصر الذي توائم أخلاقه أخلاقي"(٧٦). وكان يسخر من الإنياذة، ولم يفد منها إلا نتيجة واحدة، هي أنه لما كان ابن الزهرة هو الذي أنشأ رومة فقد وجب أن تصبح مدينة الحب لتدل على تقى أهلها وصلاحهم إن لم يكن ذلك لسبب آخر (٧٧). وخلبت لبه عاهر جميلة يسميها كورنا Corinna إخفاء لاسمها عن القراء، أو لعل ذلك اسم يطلقه على الكثيرات غيرها من النساء اللاتي وقع في حبهن. وسرعان ما وجدت أشعاره المكشوفة فيها من ينشرها له، فنشرت بعنوان الغزليات Amores في عام ١٤ م، ولم تلبث إلا قليلاً حتى جرت على لسان كل شاب في رومة حديثاً وغناء. ويقول هو في ذلك:"إن الناس في كل مكان يريدون أن يعرفوا من تكون كورونا هذه التي أتغنى بحبها"(٧٨). وقد أضلهم هو في مجموعة أخرى من الغزليات في وصف الحب الخليط فقال:
"ليس الذي يثير عاطفتي هو الجمال الثابت؛ بل إن ثمة مائة سبب تحفظ لي حبي، فإذا رأيت فتاة جميلة ذات عينين ناعستين مطرقتين إلى حجزها اشتعلت نارالحب في قلبي، وأسرتني بسذاجتها. وإذا أبصرت فتاة خليعة، اخترقت سهام لحاظها قلبي، لأنها ليست قروية ساذجة، لأنها تقوى أملي في أن أضمها إلى صدري على فراشي الوثير. وإذا تمنعت وتظاهرت بالعناد والصلابة حكمت بأنها ستخضع لي لا محالة، ولكنها ممعنة في خداعها. وإذا كنت عالمة ضليعة بما في الكتب اتهويتني بشمائلك النادرة … وتخطر