إحداهن الهوينا فأحبها لحسن خطاها، وتخطو الأحرى بقوة، ولكنها ترق إذا طاف بها طائف الحب .. وإذا غنت فتاة بصوت شجي .... خطفت منها القبلات في أثناء الغناء، وإذا ضربت الأخرى بأناملها الخفيفة على الأوتار الشاكية- فمنذا الذي لا يقع في حب هاتين اليدين الماهرتين؟ وهذه تأسرني بحركاتها، إذا ما حركت يديها في اتزان وانسجام، وتفننت في ثني خصرها الرقيق فتذكى النار في قلبي الذي تلتهب فيه نيران الحب لأقل الأسباب .... ضع هبوليتس Hippolytus في مكاني يصبح بريابس Priapus! … إني لتفتنني الطويلة والقصيرة على السواء، فكلتاهما تضرم النار في قلبي … وإني لأتقدم إليهما ضارعاً متوسلاً أن يستجيبا لحبي (٧٩).
واعتذر أوفد عن عدم التغني بمجد الحرب، وقال إن كيوبد Cupid جاءه واحتلس قدماً من شعره وتركه أعرج (٨٠). وكتب مسرحية لم يُعثر عليها بعد وهي مرحية ميديا Medea قوبلت بقبول حسن، ولكنه كان على العموم يفضل الشعر الغزلي أو كما يسميه هو "ظلال الزهرة الكسول"، ولا يرغب في أكثر من أن يسمى "المنشد المعروف بأساليبه التافهة"(٨١). وأغانيه هي بعينها أغاني جماعة التروبدور سبقتها بألف عام كاملة، وموجهة مثلها للسيدات المتزوجات. وهي تجعل المغازلة أهم أعمال الحياة. ويعلم أوفد كورنا كيف تتحدث إليه بالإشارات وهي مضطجعة على فراش زوجها (٨٢)، ويؤكد لها أنه سيظل وفياً لها أبد الدهر، وأنه لن يزني بغيرها أبداً:"فلست زير نساء يتنقل من هذه إلى تلك ويحب مائة امرأة في وقت واحد". ثم يحظى بها آخر الأمر ويكتب قصيدة ابتهاجاً بنصره، ويثني فيها عليها لطول صدها عنه، وينصحها بأن تعود إلى هذا الصد من حين إلى حين، حتى يدوم حبه لها أبد الدهر. ثم يخاصمها ويضربها، ويندم على فعلته، ويحزن ويجن بحبها أكثر من ذي قبل، ويفعل ما يفعله رميو فيتوسل إلى الليل أن يطول وإلى الفجر ألاّ يطلع، ويرجو أن تهب