ولسنا نجد في هذا العصر من يضارع إسكلس أو يوربديز أو سقراط أو حتى لكريشيوس أو شيشرون. لقد كان احتضار الإمبراطور للأدباء هو الذي يلهم أدب رومة ويغذيه ويقمعه ويضيق عليه. وإن العصر الأرستقراطي- كعصر أغسطس أو لويس الرابع عشر أو القرن الثامن عشر في إنجلترا- إن هذا العصر ليعلي من شأن الاعتدال والتوسط، وحسن الذوق، ويوجه الأدب وجهة "إتباعية" في الأسلوب يعلو فيها العقل والشكل على الوجدان والحياة. وذلك أدب أكثر صقلاً وأقل حيوية، وأنضج وأقل تأثيراً من أدب العصور أو العقول المبدعة العاطفية. ولكننا إذا أغضضنا الطرف عن هذا ونظرنا إلى أدب ذلك العصر في نطاق الأدب العقل الإتباعي وجدناه جديراً باسمه؛ فنحن لا نرى من قبله حكماً رزيناً قد عبر عنه بمثل هذا الفن البالغ أوج الكمال، وحتى المرح الجنوني الذي وصفه أوفد قد خفف من حدته القالب الإتباعي الذي صب فيه. وقد بلغت اللغة اللاتينية في شعره وشعر فرجيل وهوراس أعلى ما وصلت إليه بوصفها أداة لقرض الشعر، ولم تبلغ بعدهم ما بلغته في أيامهم من ثراء في اللفظ، وفخامة في النغم، ودقة في التعبير مع إيجاز ومرونة وعذوبة ألفاظ.