شعراء في وقت من الأوقات بما ملأه به من وصف الشهوات الجنسية التافهة، فقد أغرق الآن أشعاره بفيض من الدموع والتضرع للزعيم والتذلل له.
وكان يحسد القصائد التي تستطيع الوصول إلى رومة، ومن أقواله في هذا المعنى:"ارحلي أيتها الكتب وحيي باسمي الأماكن التي أحبها" و "أرض بلادي العزيزة على"(٩٥) ويتمنى لو أن صديقاً شجاعاً حمل هذه الرسائل إلى الإمبراطور فأشفق عليه. وهو يفصح في كل رسالة عن أمله في أن يعفو الإمبراطور عنه، أو يأمر بنقله إلى مكان أقل قسوة من منفاه. وهو لا ينفك يفكر في زوجته ويردد اسمها في أثناء الليل، ويتمنى أن يقبل شعرها الأبيض قبل أن تحين منيته (٩٦). ولكنه لم يصله عفو، حتى إذا قضى في المنفى تسع سنين وبلغ من العمر ستين عاماً، رحب بالموت، وجيء بعظامه إلى إيطاليا استجابةً لرجائه، ودفنت بجوار عاصمة البلاد.
وحققت الأيام ما تنبأ لنفسه من شهرة خالدة، وكان له في العصور الوسطى ما لفرجيل من أثر عميق، وأضحى كتاباه "التحولات" والهيرويدات مصدر كثير من روايات الحب في تلك العصور، واستمد منه بوكاشيو، وتسو، وتشوسر، واسبنسر كثيراً من موضوعاتهم، ووجد مصورو النهضة في أشعاره الشهوانية كنزاً من الموضوعات لا ينضب له معين، وملاك القول أنه كان أعظم شاعر وجداني إبداعي في العصر العقلي الإتباعي.
وانقضى بموته عهد من العهود الزاهرة في تاريخ الأدب. ولا جدال في أن عصر أغسطس لم يكن من أزهى عصور الأدب كما كان عصر بركليز في اليونان أو عصر إلزبث في إنجلترا.
وقد كان حتى في أحسن ما أخرجه من النثر بلاغة طنّانة، وفي خير ما أخرجه من الشعر كمال في الشكل قلّما ينتقل كلاهما من القلب إلى القلب.