أو كانت لديه يد في تنفيذ أغراضه، ولم تنج من القتل ابنته الصغيرة نفسها؛ وإذ كان القانون يحرم قتل العذارى فقد فضت بكارتها قبل خنقها؛ وانتحرت مطلقته أبكاتا Apicata، ولكنها أرسلت قبل انتحارها خطاباً إلى تيبيريوس تبلغه فيهِ أن لفلا Livilla ابنة انطونيا قد اشتركت مع سجانوس في تسميم زوجها دروسس ابن الإمبراطور، فما كان من تيبيريوس إلا أن أمر بمحاكمة ليفلا، ولكنها امتنعت عن الطعام حتى ماتت. وبعد سنتين من ذلك الوقت (٣٣) انتحرت أجربينا في منفاها كما امتنع عن الطعام ابن آخر من أبنائها، كان قد حكم عليه بالسجن، وظل ممتنعاً حتى مات.
وعاش تيبيريوس ستة أعوام بعد سقوط سجانوس، وأكبر الظن أنه أصيب وقتئذ بخبال في عقله، وبغير هذا الافتراض لا نستطيع أن يفسر ما يعزى إليه من أعمال القسوة التي لا يصدقها عقل. فنحن نسمع أنه كان في ذلك الوقت تهم الخيانة العظمى التي توجه إلى الناس بدل أن يعارض فيها، كما كان يفعل من قبل، حتى بلغ مجموع مَن أدينو بتلك التهمة في حكمه ثلاثة وستين شخصاً، وتوسل إلى مجلس الشيوخ أن يعمل على حماية "شيخ وحيد طاعن في السن". وفي عام ٣٧ غادر كابري بعد تسع سنين من السجن الاختياري، وطاف ببعض مدن كمبانيا. وبينما كان يستريح في بيت لوكلس الخلوي في ميسنوم انتابته نوبة إغماء وخيل إلى من حوله أنه قضى نحبه. والتفّت بطانته من فورها حول جايوس الذي سيصبح في ظنها إمبراطوراً بعد قليل، ولكنهم روعوا حين رأوا تيبيريوس يفيق من نوبته. ثم أنجاهم من هذه الورطة صديق لهم جميعاً بأن كتم أنفاسه بوسادة (٣٧)(٢١).
ويصفه ممسن Mommsen بقوله إنه كان "أقدر حاكم شهدته الإمبراطورية"(٢٢). وقد حلت به في حياته كل الكوارث التي يمكن أن تحل بإنسان إلا القليل النادر منها، وحتى بعد وفاته لم ينج من قلم تاستس.