للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللاتيني، ولم يتدخل الإمبراطور المتعب في هذا الأمر. وإذ كان لنا أن نصدقه يقوله سوتنيوس فإن تيبيريوس نفسه قد ارتكب كثيراً من أعمال القسوة (٩١)، ويقول تاستس-وهو ممن لا يعتمد على أقوالهم-إنه طلب تنفيذ عقوبة الإعدام في ببيوس سبيتوس Poppaeus Sabinus بحجة أن عيونه قد سمعوه وهو يأتمر بالحكومة (٢٠). وماتت ليفيا بعد سنة من ذلك الوقت (٢٧)، حزينة وحيدة في بيت زوجها السابق؛ ولم يحضر تيبيريوس جنازتها، ولم يكن قد رآها بعد أن غادر رومة إلا مرة واحدة. وتحرر سجانوس بموتها مما عساه أن تفرضه عليه "أم بلادها" من قيود، فأقنع تيبيريوس بأن أجربينا وابنها نيرون كانت لهما يد في مؤامرة سبينوس، فنفيت الأم إلى بندتيربا Pandateria ونُفي الابن إلى جزيرة بنتيا Pontia حيث قتل نفسه بعد ذلك بزمن وجيز.

وإذ كان سجانوس قد كسب كل شيء إلا عرش البلاد فقد أخذ يعمل جاهداً للوصول إليه. وكان قد أغضبه خطاب كتبه تيبيريوس إلى مجلس الشيوخ يرشح فيه جيوس ابن أجربينا ليكون زعيماً من بعده، فدبر مؤامرة لاغتيال الإمبراطور عام (٣١). ونجا الإمبراطور بفضل أنطونيا أم جرمنكوس إذ خاطرت بحياتها لتبعث إليه تحذره من الخطر الذي يتهدده؛ ولم يكن الزعيم الشيخ قد فقد عزيمته بعد فعُينَ في السر رئيساً جديداً للحرس، وأمر بالقبض على سجانوس، واتهمه بالخيانة أمام مجلس الشيوخ. ولم يكن هذا المجلس في يوم من الأيام أكثر استجابة لرغبات الأباطرة منه في هذه المرة، فقد أدان سجانوس من فورهِ، ونفذ فيه حكم الإعدام خنقاً في الليلة نفسها. وأعقبت ذلك فترة من حكم الإرهاب تولى قيادتها أحياناً شيوخ أضر سجانوس بمصالحهم، أو آذى أقاربهم أو أصدقاءهم، وأحياناً أخرى تولاها تيبيريوس نفسه. ودفعه الخوف والغضب، اللذان استولى عليهِ بعد أن زال عن عينيه ما كان يغشاها من خداع، إلى سورة جنونية من الانتقام. وفي هذه الفترة قتل كل إنسان ذي خطر عاون سجانوس