المناصب الأولى ثلاثة من أقدر الأرقاء المحررين-نارسس Narcissus، وبلاس Pallas، وكالستس Callistus. وكاب ارتقاؤهم إلى هذه المناصب ذات الثراء والجاه إذاناً بارتفاع شأن طبقة المحررين إلى أعلى الدرجات، وهو ارتقاء كان يسير في مجراه منذ قرون عدة، وبلغ في عهد كلوديوس هذه الدرجة الرفيعة. ولما احنج الأشراف على وضع السلطة في أيدي هؤلاء العصاميين الحديثي النعمة كان جواب كلوديوس أن أعاد منصب الرقيب، وأن اختير هو لايشغل هذا المنصب، وأن أعاد النظر في سجل الأشخاص الذين يختار منهم أعضاء المجلس، فمحا منه أسماء كبار المعارضين لسياسته، وأضاف إليه أعضاءً جدداً من الفرسان من أهل الولايات.
ولما تهيأت له هذه الأداة الإدارية وضع لنفسه منهاجاً واسعاً من المنشئات العامة والإصلاحات، فأصلح نظام المرافعات أمام المحاكم وفرض عقوبات على تأخير القضايا، وجلس على منصة القضاء ساعات طوالاً كل أسبوع، وحرم تعذيب أي احد من المواطنين. وأراد أن يقي مدينة رومة غائلة الفيضانات المخربة التي أصبحت تهددها أكثر من ذي قبل لأن سفوح الأبنين أخذت تجرد من الأشجار، فأمر بحفر مجرى إضافي في الجزء الأدنى من نهر التيبر. ولكي يعجل باستيراد الحبوب إلى إيطاليا أمر بإنشاء مرفأ جديد بالقرب من أستيا Ostia، وأقام مخازن، وأحواضاً، ورصيفين عظيمين لتقليل حدة أمواج البحر، وحفر قناة توصل الميناء بنهر التيبر في نقطة بعيدة عن مصبهِ الذي يسده الغرين. وأتم بناء قناة "كلوديوس" التي بدأها كالجيولا لنقل الماء العذب إلى رومة، وشاد قناة أخرى، وكانت كلتاهما من الأعمال الضخمة المشهورة بجمال منظرها وبعقودها الشامخة. ولما رأى أن أراضي المرسيين Marsians تتحول في بعض فصول السنة إلى منافع حين تفيض بحيرة فوستس، خصص جانباً من أموال الدولة تؤدى من أجور ٣٠. ٠٠٠ عامل مدة أحد عشر عاماً