للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليحفروا نفقاً طوله ثلاثة أميال يصل البحيرة بنهر سريز Ciris مخترقاً بعض الجبال. وقبل أن تنطلق مياه البحيرة في هذا النفق أجرى فوق مياه البحيرة معركة بحرية صورية بين أسطولين عليهما تسعة عشر ألفاً من المجرمين الذين أدانتهم المحاكم، وشهدها خلائق أجمعون من كافة أنحاء إيطاليا فوق الثلال المشرفة على البحيرة. وحيت هذه الجموع الإمبراطور بالعبارة المأثورة: "مرحباً بقيصر! نحن الذين نوشك أن نموت نحييك Ave Caesar! Morituri Salutamus (٤٥) .

وازدهرت أحوال الولايات في عهده كما ازدهرت في عهد أغسطس، وعاقب الموظفين على سوء استخدام وظائفهم إلا في حالة واحدة هي حالة فلكس المدعي العمومي في بلاد اليهود، وذلك لأن بلاس Pallas شقيق الشخص الذي نم على القديس بولس أخفى جرائمه عن الإمبراطور، وكان يهتم بكل صغيرة وكبيرة من أعمال الولايات. وتمتاز مراسيمه التي عثر عليها في كافة أنحاء الإمبراطورية بالإسهاب والتكرار، ولكنها تكشف عن عقلية وعن إرادة منصرفتين إلى تحقيق الصالح العام. وقد بذل جهده لإصلاح المواصلات والنقل، وحماية المسافرين من اعتداء اللصوص وقطاع الطرق، وفي خفض ما تتكلفه الهيئات من نفقات الوظائف العامة المنشأة لخدماتها. وكان يرغب كما يرغب قيصر في رفع شأن الولايات حتى تعادل إيطاليا نفسها وحتى تكون كلها وحدات متنساوية في مجموعة الأمم الرومانية، فنفذ ما كان يعتزمه قيصر من منح حقوق المواطنية الرومانية لبلاد غالة الجنوبية، ولو استطاع أن ينفذ رغباته لمنح هذا الحق جميع الأحرار في الإمبراطورية (٤٦). ولقد كشفت في مدينة ليون عام ١٥٢٤ لوحة برونزية احتفظت لنا بجزء من الخطبة الطويلة الكثيرة الاستطراد التي أقنع بها مجلس الشيوخ بأن يقبل في عضويته وفي المناصب الإمبراطورية أولئك الغاليين الذين منحوا حق المواطنية الرومانية، ولم يسمح في الوقت نفسه بأن يضعف الجيش أو يعتدي على حدود الدولة، فظل الجيش عاملاً