إلى هؤلاء العصاميين، وكانت تتلظى غيظاً حين تضطر إلى رجاء العبيد السابقين أن يسمحوا لها بأن تتحدث إلى الإمبراطور.
أما كلوديوس فقد كان منهمكاً في العمل، يكتب إلى الموظفين والعلماء، ويعد المراسيم والخطب، ويؤدي حاجات زوجته. ذلك رجل كان خليقاً به أن يعيش عيشة الرهبان، وأن يحصن نفسه من الحب، لأن زوجاته كن سبباً في القضاء عليهِ، كما كانت سياسته في منزلهِ أقل نجاحاً من سياسته الخارجية. وقد تزوج كما تزوج كالجيولا أربع مرات، فأما زوجتنه الأولى فماتت في يوم زفافها، وأما الثانية والثالثة فقد طلقهما؛ ولما كان في الثامنة والأربعين من عمره تزوج فليريا مسالينا وهي فتاة في السادسة عشر، ولم تكن بارعة الجمال. فقد كان رأسها مستوياً، ووجهها متورداً، وصدرها قبيح الشكل (٤٩). ولكن المرأة ليست في حاجة إلى الجمال لكي تكون زانية، ولما أن اعتلى كلوديوس عرش الإمبراطورية تخلقت بأخلاق نساء الملوك، وادعت لنفسها حقوقهن، فكانت ترافقه في مواكب نصره، وعملت على أن تحتفل بعيد ميلادها في سائر أنحاء الإمبراطورية. ثم أحبت الراقص منستر Mnester، ولما صد عنها طلبت إلى زوجها أن يأمره بأن يكون أكثر إطاعة لرجائها؛ وأجابها كلوديوس إلى ما طلبت، وخضع الراقص إليها استجابة لدواعي الزطنية. وابتهجت مسالينا بنجاحها في خطتها التي لم تكلفها أقل العناء، واتبعتها مع غيره من الرجال؛ فأما الذين لم تنجح معهم هذه الخطة وظلوا على صدودهم فقد أتهمهم الموظفون الخاضعون لسلطانهم بجرائم اخترعوها من عندهم اختراعاً، فصودرت أملاكهم وحرموا من حريتهم ومن حياتهم نفسها في بعض الأحيان (٥٠).
ولعل الإمبراطور كان يسمح بهذا العبث وتلك الأعمال الشاذة ليضمن لنفسهِ هو الآخر حرية الاستمتاع بما يريد من الملاذ، "فقد كان مفرطاً في شهواته