هذا الاقتراح، متأثراً في ذلك بنفوذ نقابة الجباة. وتدل هذه الهزيمة على أن الزعامة كانت لا تزال تلتزم حدود سلطتها الدستورية.
وأراد سنكا وبروس أن يمنعا نيرون من التدخل في شئون الدولة فتركاه ينهمك في ملذاته الجنسية كما يهوى. وفي ذلك يقول تاستس:"لم يكن ينتظر من الأباطرة أن يحيوا حياة التقشف وكبح الشهوات في الوقت الذي كانت فيه الرذيلة تستهوي جميع طبقات الناس". ولم تكن العقائد الدينية تشجع نيرون على أن يراعي جانب الفضيلة؛ ذلك أن القدر الضئيل الذي ناله من الفلسفة قد حرر عقله من قيود الدين دون أن ينضج حكمته. "فقد كان يزدري جميع أنواع العبادات" كما يقول ستونيوس. "ويسلح على صورة الآلهة-سيبيل-التي كان يجلها أعظم الإجلال"(٦٨). وكان نهماً مفرطاً في الطعام، غريب الأطوار والشهوات، ينفق على الولائم بغير حساب، حتى كانت أزهار الوليمة وحدها تكلفة أربعة ملايين سسترس (٦٩). وكان يقول في هذا إن البخلاء وحدهم هم الذين يحسبون ما ينفقون. وكان يعجب بكيوس بترونيوس Caius Petronius ويحسده لأن هذا الشريف المثري علمه طرقاً جديدة للجمع بين الفضيلة والذوق السليم. ويقول تاستس في فقرة مأثورة يصف فيها المثل الأعلى للأبيقورية إن بترونيوس "كان يقضي أيامه في النوم ولياليه في العمل، والمرح واللهو. وكان الخمول شهوته وطريقه إلى الشهرة، وكان ينجز بحب اللذات والراحة المترفة ما ينجزه غيره بالقوة والجد. ولم يكن كغيره من الناس الذين يجهرون بأنهم يعرفون كيف تكون المتعة الاجتماعية، ثم يبددون في ذلك أموالهم، بل كان يحيا حياة كثيرة النفقة ولكنها خالية من التبذير، فكان أبيقورياً ولكنه غير مسرف، يطلق العنان لشهواته ولكنه يستمتع بها في تجمل وحكمة. وهو شهواني متعلم رقيق الحاشية، حديثه مرح ممتع لطيف، يخلب لب من يستمع له بشيء من عدم الاكتراث اللطيف الباعث على السرور. وكان أكثر ما يبعث السرور في حديثه أنه ينساب