للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صوره وصورهم، ويستمع إلى أشعارهم ويقرأ عليهم شعره. وكان ينخدع بثنائهم، ولما أن أنبأه أحد المنجمين بأنه سيفقد عرشه، أجابه ضاحكاً بأنه في هذه الحال سيكسب قوته من فنه. وكان يحلم أنه في يوم من الأيام سيغزف على ملأ من الناس على الأرغن المائي والناي، وينفخ في المزامير، ثم يظهر على المسرح راقصاً وممثلاً لأدوار في مسرحية ترنس Turnus لفرجيل. وفي عام ٥٩ أقام حفلة موسيقية شبه عمومية عزف فيها على العود Citharoedus في حديقته الواقعة على نهر التيبر. وظل خمس سنين لا ينفذ ما تتوق له نفسه من إظهار مهارته في جمع حاشد، ثم نفذ هذا العزم في نابلي آخر الأمر. وسيطرت الروح اليونانية على هذا الحفل، وعفا الناس عن تقصيره، وأدركوا ما يرمي إليهِ. وازدحمت قاعة الاحتفال بالمستمعين ازدحاماً حال بينه وبين إجادة العرض، وقد بلغ من شدة الازدحام أن تهدمت القاعة عقب خروج النظارة منها. وشجع هذا النجاح الإمبراطور الشاب فظهر في ملهى بمبي العظيم في رومة (٦٥) يغني ويضرب على العود. وأنشد في هذه المرة عدة قصائد لعلها كانت من قوله هو نفسه$=@ويقول سوتونيوس إنه شاهد المخطوطات الملكية مكتوبة ومصححة بخط نيرون نفسه. @. وقد بقيت أبيات من هذه القصيد، وهي تدل على مقدرة في القريض لا بأس بها. وكتب من أغانيه الكثيرة ملحمة طويلة عن طروادة (جعل بطلها باريس Paris) ، ثم شرع يكتب ملحمة أطول منها عن رومة. ولم يكفه هذا التنوع في مواهبه فظهر على المسرح ممثلاً دور أوديب Oedipus، وهرقل، وألكميون، بل إنه مثل أيضاً دور أستيز قاتل أمه. واغتبط النظارة إذ شاهدوا إمبراطوراً يعني بتسليتهم ويركع على المسرح أمامهم ويطلب أن يصفقوا له حسب مألوف عادتهم. وتلقف الشعب الأغاني التي كان ينشدها نيرون وأخذ يرددها في الحانات والطرقات، وانتشر