للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الصباح وقد تجردت من كل احترام لجيفتك الباليةالتي تستطيعين أن تعديها لقدمها جيفة جدة من جداتك.

وهو يتحدث في حقد غير خليق بالرجال على النساء اللاتي أبين أن يخضعن له، ويلقي عليهن نكاته القذرة كما يلقي الكناس الأقذار. ويوجه أغانيه الغزلية للغلمان، وتتملكه النشوة من عبير "قبلاتك أيها الغلام" (١٣٣). وقد قلد أخد شعراء الإنجليز إحدى قصائده التي قال فيها:

لا أحبك يا سبيديوس، ولست أعرف لذلك سبباً؛

وكل ما أستطيع أن أقوله أني أبغضك أشد البغض.

والحق أن الذين لا يحبهم مارتيال كثيرون وهو يصفهم بعد أن يطلق عليهم أسماء مستعارة لا تخفي حقيقتهم وبألفاظ لا يجد الإنسان لها مثيلاً إلا على جدران مراحيض المواخير (١٣٥). ولست تجده إلا هاجياً لأعدائه كما لا تجد استاتيوس إلا مادحاً أصدقاءه. وقد أراد بعض ضحاياه أن ينتقموا لأنفسهم منه فنشروا بإمضائه قصائد أشد قذارة من قصائده الحقيقية، أو هاجموا باسمه بعض من كان مارتيال يحرص على إرضائهم. وفي وسع الإنسان أن يؤلف من هذه النكات الشعرية التي أوفت على الغاية من الناحية الفنية معجماً كاملاً يحوي أقذر ما في اللغة من ألفاظ.

غير أن في مقدور الإنسان أن يعفو بعض الشيء عن بذاءة مارتيال، فهو يشترك فيها مع خلق عصره، ولا يشك في أن فتيات الأسر الراقية يسرهن أن يقرأنها في عرائش قصورهن. "واستحت لكريشا وعلت وجهها حمرة الخجل وألقت بكتابي، وكان بروتس حاضراً فابتعد عنها يا بروتس؛ إنها ستقرؤه" (١٣٦) ذلك أن ما كان يطلقه هذا العصر للشعر من حرية مفرطة يسمح بكل ضروب البذاءة على شريطة أن تكون الأوزان والألفاظ صحيحة. بل إن مارتيال ليفخر بفجوره أحياناً فيقول في أحد كتبه "لا تخلوا صحيفة من صحفي من الفجور" (١٣٧). لكنه في أكثر الأحيان