أو أكثر من السفن التجارية التي تمخر عباب البحر الأبيض المتوسط، متتبعة عشرات العشرات من طرق الملاحة التجارية. وقد وصف جوفنال هذه الطرق بقوله:"انظر إلى الموانئ والبحار تجدها غاصة بالسفن وعلى ظهرها من الخلائق أكثر ممن على الأرض"(٢٧). وكانت الثغور التي تنافس رومة في عظمتها، وهي بتيولي، وبورتس، وأستيا، تحوي كثيراً من دور الصناعة تبنى المراكب (١) وفيها القيارون يجلفطونها والعمال يضعون فيها صابورات من الرمال، والحمالون يفرغون الحبوب في أكياس، والوازنون يزنونها، والملاحون يسيرون القوارب الصغيرة بين السفن الكبرى والبر، والغواصون يغوصون في البحر لينتشلوا ما يسقط فيه من البضائع. وكانت خمس وعشرون سفينة من سفن الحبوب وحدها تجر إلى نهر التيبر في كل يوم من أيام العمل، فإذا أضفنا إليها ناقلات حجارة البناء والمعادن، والزيت، والخمور، وعشرات المئات من المواد الأخرى تكونت لدينا صورة من النهر الغاص بالمتاجر وما يصحب شحنها وتفريغها من ضجيج الآلات، ورجال الأهوسة، والحمالين، والخازنين، والتجار، والسماسرة، والكتبة.
وكانت السفن تسير بالأشرعة يساعدها صف أو صفوف من المجاديف، وكانت في ذلك الوقت أكبر حجماً في العادة من ذي قبل، فأثينوس Atheaeus يصف سفينة من ناقلات الحبوب بأنها كانت ٤٢٠ قدماً في الطول و ٥٧ في العرض (٢٩)، ولكن هذا الحجم كان حجماً شاذاً كل الشذوذ. وكان لبعض السفن ثلاث أسطح، وكانت حمولة الكثير منها ٢٥٠ طناً، وحمولة بعضها ألف طن من البضائع. ويحدثها يوسفوس عن سفينة تحمل ستمائة رجل ما بين راكب وبحار (٣٠)، وقد حملت سفينة أخرى مسلة مصرية في حجم المسلة المقامة في سنترال بارك Central Park بنيويورك، ومعها ٣٠٠ ملاح، و ١٣٠٠ راكب،
(١) في القاموس الجلفاط بالسكر سادُّ دروز السفن الجدد وقد جلفطها. (المترجم)