٢٣٠ ميلاً بحرياً في أربع وعشرين ساعة (٣٢). وإذا ما صلحت الريح استطاع الإنسان أن يبسافر من صقلية إلى الإسكندرية أو من قادس إلى أستيا في ستة أيام، ومن يودكة Ytica إلى رومة في أربعة (٣٣).
وكانت أطول الرحلات وأكثرها تعرضاً للخطر الرحلة البحرية التي تستغرق ستة أشهر من عدن في بلاد العرب إلى بلاد الهند، وذلك لأن الرياح الموسمية كانت تضطر السفن إلى ملازمة السواحل الغاصة بالقراصنة في الطريق كله؛ وقد استطاع ملاح يوناني من أهل الإسكندرية في وقت ما قبل سنة ٥٠ ميلادية أن يبين بالرسم أوقات هبوب الرياح الموسمية، ويعرف ان في مقدوره في بعض الفصول أن يعبر المحيط الهندي في طريق مستقيم وهو آمن. وكان هذا الكشف يعادل في أهميته بالنسبة لهذا البحر أهمية عبور كولومبوس المحيط الأطلنطي؛ ذلك ان السفن قد استطاعت بعد هذا العمل أن تسير من الثغور المصرية الواقعة على البحر الأحمر إلى بلاد الهند في ٤٠ يوماً. وحدث حوالي ٨٠ م ان كتب بحار آخر من أهل الإسكندرية غير معروف اسمه كتاباً عن " الطواف بالبحر الأريتزي". وكان بمثابة دليل للتجار الذين يتجرون بين ثغور ساحل أفريقيا الشرقي والهند. وكان غيره من الملاحين في ذلك الوقت قد سار في المحيط الأطلنطي إلى بلاد غالة، وبريطانيا، وألمانيا، بل انهم وصلوا إلى اسكنديناوة وروسيا (٣٤). ولسنا نعرف في تاريخ الإنسانية قبل ذلك ان البحر قد حمل من السفن أو من البضائع ومن الخلق ما حمله في تلك الأيام.