ولاية أو نحوها، وفرضت على أهلها الضرائب لتستمد منها المال الذي تدفعه لموازنة صادراتها بوارداتها. فلما ان استنفذت العروق المعدنية الغنية ولم تنقص شهوة الرومان للترف والكماليات، حاولت رومة أن تؤجل انهيار نظام الاستيراد بفتح بلاد جديدة اشتهرت بمعادنها مثل داشيا Dacia، وبتخفيض قيمة نقدها الذي كان من قبل أبعد النقود عن الفساد والانحطاط، فصارت تصنع أكثر ما تستطيع صنعه من النقود من أقل ما لديها من السبائك. ولما أن اقتربت نفقات الإدارة والحروب من مكاسب الإمبراطورية، كان على رومة أن تؤدى ثمن ما تستورده من البضائع بضائع أخرى، ولكنها عجزت عن هذا. وكان اعتماد إيطاليا على ما تستورده من الطعام أهم أسباب ضعفها. ذلك أنها ساعة أن عجزت عن إرغام غيرها من البلاد على أن ترسل إليها الطعام والجنود، إذن مجدها بالزوال وفي هذا الوقت عينه أخذت الولايات تسترد رخائها وأولويتها الاقتصادية؛ فكاد التجار الإيطاليون في القرن الأول الميلادي يختفون من الثغور الشرقية، واستقر التجار السوريون واليونان في ديلوس وبتيلوي، وتضاعف عددهم في أسبانيا وغالة، وأخذ الشرق بين مد التاريخ وجزره المتباعدة الأجل يستعد لأن يسطر مرة أخرى على الغرب.