في صناديق ملأى بالطين (١٢). وكان لعدد غير قليل منها مشامس يعرض فيها أصحابها أجسامهم لأشعة الشمس.
ومن الرمان عدد كبير سئموا حياة الضجيج والسرعة في رومة ففروا منها إلى هدوء الريف وسكونه. وقد نشأ عند الأغنياء والفقراء على السواء ميل شديد إلى الطبيعة يفوق كل ما عرفناه عن هذا الميل عند اليونان. وكان جوفنال يرى أن الأحمق وحده هو الذي يسكن في العاصمة، وفي وسعه أن يبتاع بالأجر الذي يؤديه في عليه مظلمة في رومة، بيتاً جميلاً في بلدة إيطالية هادئة، تحيط به "حديقة أنيقة خليقة بأن يقيم فيها مأدبة لمائة من أتباع فيثاغورس"(١٣). وكان أغنياء رومة يتركونها في بداية الصيف ليقيموا في بيوت خلوية على سفوح الأبنين أو على سواحل البحر أو البحيرات. وقد ترك لنا بلني الأصغر وصفاً ممتعاً لبيته الريفي في لورنتم على ساحل لاتيوم. ويقول عنه إنه من السعة بالقدر الذي يستريح له، وإن نفقاته لا ترهقه؛ ولكنه بعد أن يستمر في وصفه يخيل إلينا أن في هذا الوصف شيئاً من التواضع، فهو يحدثنا فيه عن مدخل من فوقه نوافذ زجاجية وتعلوه طنف … وبه حجرة جميلة للطعام تعانقها آخر أمواج البحر عناقاً خفيفاً، وتضيؤها نوافذ واسعة تطل على البحر من ثلاث جهات فتحسبه ثلاثة أبحر مختلفة، وبه ردهة كبرى "يمتد بصر من فيها إلى الغابات والجبال"، وحجرتا استقبال ومكتبة على شكل نصف دائرة تستقبل نوافذها الشمس طول النهار"، وحجرة للنوم. وعدة حجرات للخدم. وكان للبيت جناح منفصل عنه يحتوي "حجرة استقبال ظريفة"، وحجرة أخرى للطعام وأربع حجرات صغيرة، وحماماً، وتوابعه وتشمل "حجرة جميلة لخلع الملابس"، وحماماً بارداً، وحماماً فاتراً به ثلاث برك مختلفة حرارتها، وحماماً ساخناً، تسخنها كلها أنابيب من الهواء الحار. وكان في خارج البيت بركة للسباحة، وساحة للعب الكرة، ومخزن، وحديقة متنوعة الغروس، وحجرة خاصة للمطالعة، وردهة للمآدب، وبرج للأرصاد يحتوي على شقتين وحجرة للطعام.