الذي أغضب بوسويه Bossuet وأحفظه كان من المعبودات على ضفاف النيل (٢٣٤).
وكانت الآلهة من الحيوان أكثر ذيوعاً بين المصريين من آلهة النبات. وكانت هذه الآلهة من الكثرة بحيث غصت بها هياكلها كأنها معرض حيوانات صاخبة. وعبد المصريون في هذه المقاطعة أو تلك وفي هذا الوقت أو ذاك العجل والتمساح والصقر والبقرة والإوزة والعنزة والكبش والقط والكلب والدجاجة والخطاف وابن آوي والأفعى؛ وتركوا بعض هذه الدواب تجوس خلال الهياكل ولها من الحرية ما للبقرة المقدسة في الهند حتى هذه الأيام (٢٣٥). ولما تحولت الآلهة إلى آدميين ظلت محتفظة بصورتها الحيوانية المزدوجة وبرموزها، فكان آمون يمثل بإوزة أو بكبش، ورع يرمز له بصرصور أو عجل، وأوزير بعجل أو كبش، وسبك بتمساح، وحورس بصقر أو بازى، وحتحور ببقرة، وتحوت إله الحكمة برباح (٢٣٦). وكانت النساء يقدمن أحيانا لهذه الآلهة ليكنّ زوجات لهنّ، وكان العجل- وهو الذي يتقمصة أوزير- صاحب هذا الشرف العظيم بنوع خاص. ويقول أفلوطرخس إن أجمل النساء في منديس كنّ يقدّمن لمضاجعة التيس المقدس (٢٣٧). وقد بقيت هذه الشعائر الدينية من بداية الأمر إلى نهايته عنصراً أساسياً قومياً في الديانة المصرية. أما الآلهة من بني الإنسان فقد جاءت إلى مصر في وقت متأخر كثيراً، ولعلها جاءتها هدايا من غرب آسية (٢٣٨).
وكان المصريون يقدسون المعز والعجل تقديساً خاصاً ويعدونهما رمز القدرة الجنسية الخالقة. ولم يكونا مجرد رمزين لأوزير بل كانا تجسيداً له (٢٣٩). وكثيراً ما كان أوزير يرسم وأعضائه التناسلية كبيرة بارزة دلالة على قوته العظمى؛ وكان المصريون في المواكب الدينية يحملون له نماذج بهذه الصورة، أو أخرى ذات ثلاثة قضبان. وكان النساء في بعض المناسبات يحملن مثل هذه الصور الذكرية ويحركنها تحريكا آليا بالخيوط (٢٤٠). والعبادة الجنسية لا تظهر فقط في الرسوم الكثيرة التي نراها في نقوش الهياكل ذات قضبان منتصبة، بل إنا فضلا عن هذا