مقدس؛ وفي مظلم آخر يتقدم موكب من الفتيات ينفخن في الأبواق، ويأتين بالقرابين؛ وفي مظلم ثالث نرى سيدة عارية ترقص على أصابع قدميها وإلى جوارها راهبة مبتدئة راكعة على ركبتيها، منهوكة القوى من شدة ما قاست في أحد الطقوس الدينية (٢٧). وأجمل من هذه كلها نقش جداري عثر عليه في خرائب ستابيا Stabiae من نوع نقوش بتيشلي Botticelli ومتقدم عليها، ويسمي هذا النقش الربيع: وهو يمثل امرأة تمشي في حديقة على مهل تقطف الأزهار، ولا يرى منها إلا ظهرها ورأسها تديره بخفة ورشاقة إلى خلفها؛ وقلّما استطاع فن من الفنون أن يصور ما في هذا الموضوع السهل من شاعرية تصويراً مؤثراً في النفس مثيراً للعواطف كما صوره هذا الفنان.
وأقوى ما وجد من الصور في هذه الخرائب صورة ميديا التي عثر عليها في هركيولانيم Herculaneum وحفظت في متحف نابلي، وهي تمثل امرأة مطرقة عليها ثياب فاخرة تفكر في مقتل أبنائها؛ ويلوح لنا أن هذه صورة منقولة عن الصور التي أجاز عليها قيصر مصورها تموماكس Timomachus البيزنطي بأربعين ألف وزنة (تالنت) أي ١٤٤٠٠٠ ريال أمريكي (٢٧)؟
ولم يوجد في رومة إلا القليل من الصور التي تبلغ هذه المنزلة، ولكن عثر في بيت ليفيا المقام في بريما بورتا Prima Porta على مثل رائع من صور المناظر الطبيعية التي تسمو فيها إيطاليا على بلاد اليونان، فيه تخدع العين فيظن الإنسان أنه يجتاز بهواً إلى تكعيبة في أرض رخامية من ورائها أجمة من النبات والأزهار بلغت من الإتقان حداً يمكن العالم النباتي في هذه الأيام من أن يتبينها ويصتفها؛ فكل ورقة من أوراقها رسمت بشكلها ولونها الطبيعيين، والطيور تجثم على مواضع متفرقة منها كأنها تحط عليها إلى وقت ما، والديدان تزحف بين الأغصان والأوراق. ويقرب من هذه الصورة في روعتها ورقتها عرس الديرنديتي التي وجدت في التل