للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تحتوي أيضاً على معارض فنية. وكانت أغلب الحجرات تسخن من مركز عام تمتد منه أنابيب كبيرة من الصلصال، وتسير تحت أرض الحجرات وفي داخل الجدران. وكانت هذه الحمامات (١) الحارة أوسع وأفخم ما شيد من المباني العامة، ولم يوجد لها قط نظائر من نوعها في العالم كله. وكانت جزءاً من الاشتراكية في الترفيه عن الشعب حاولت به الزعامة أن تبرر سلطانها المطلق المتزايد.

وكانت هذه النزعة نفسها هي الحافز على بناء أعظم دور التمثيل في التاريخ كله. وكان عدد هذه الدور في رومة أقل منها في العواصم الحديثة، ولكنها كانت أوسع منها رقعة. وكان أصغرها هو الملهى الذي شاده كورنليوس بلبس Cornelius Balbus في ميدان المريخ (١٣ ق. م)، والذي كان يتسع لسبعة آلاف وسبعمائة من النظارة؛ وقد أعاد أغسطس بناء ملهى بمبي الذي كان يتسع لسبعة عشر ألفاً وخمسمائة، وأتم بناء ملهى آخر سماه باسم مرسلس Marcellus ويتسع لعشرين ألفاً وخمسمائة. وكانت هذه الدور تختلف عن مثيلاتها في بلاد اليونان في أنها كانت مسورة، وفي أن مقاعد النظارة كانت تستند في أبنية ذات أقواس وقباء بدل أن تستند إلى منحدرات التلال. وكان المسرح وحده هو المسقف، ولكن النظارة كانوا يتقون الشمس بمظلو من نسيج التيل (Velarium) كانت في ملهى بمبي تغطي مساحة عرضها ٥٥٠ قدماً. وكانت فوق المداخل مقصورات للأعيان وذوي المناصب الكبرى في الدولة، وكان لبعض المسارح ستائر لم تكن ترفع إلى أعلى إذا بدأ التمثيل بل كانت تنزل في فتحات معدة لها. وكان المسرح يرتفع عن أرض الملهى بنحو خمس أقدام، وكان الجزء الخلفي منه يتخذ في العادة شكل بناء أنيق يمتد من أحد جانبيه إلى الجانب الآخر، فيمكن


(١) ولقد كانت الحمامات الرومانية أنموذجاً أقيمت على مثاله مبان حديثة كثيرة واجهت نفس المشكلة التي واجهها الرومان، وهي تغطية مساحة واسعة من الأرض بأبنية ليس فيها إلا أقل عدد مستطاع من العوائق، ومن أشهر أمثلة هذه المباني محطة بنسلفانيا، والمحطة الوسطى في نيويورك.