الممثلين بذلك من أن يسمعوا أصواتهم للعد الجم من النظارة الذين يضمهم الملهى. ويحدثنا سنكا عن "صنّاع المسارح الذين يخترعون حمالات ترتفع من نفسها أو أرضيات ترتفع في سكون من الهواء"(٣٢ أ). وكان تغيير المناظر يحدث بوساطة مناشير دوارة أو بتحريك مجموعة منها إلى طرفي المسرح أو إلى أعلاه فتنكشف بذلك المجموعة التي تليها. وكان يستعان على إسماع النظارة أصوات الممثلين بوضع جرار فارغة في أرض المسرح وجدرانه (٣٢ ب). وكانت أمكنة النظارة تبردها جداول مائية تجري في ممراتها، وكان مزيج من الماء والنبيذ وعصير الزعفران ينقل أحياناً إلى أعلى المقاعد في أنابيب ثم يرش على النظارة في هيئة رشاش عطر (٣٢ ج) وكان داخل الملهى يزداد بالتماثيل وكانت صور كبيرة ترسم على المسرح بدل المناظر المتغيرة في هذه الأيام. ولعلنا لا نجد الآن في العالم كله ملهى مهما عظم يبلغ في الاتساع والفخامة ما بلغه ملهى بمبي في رومة.
وكانت حلبة الألعاب ومضمار الركض والمدرج أحب إلى الشعب من دار التمثيل. وكان في رومة عدة مضامير تستخدم أكثر ما تستخدم في المباريات الرياضية. وكان سباق الخيل والعربات وبعض الألعاب الأخرى تعرض في حلبة فلامنيوس في ميدان التاريخ أو في الحلبة الكبرى التي جدد قيصر بناءها بين تلي بلاتين وأفنتين. وكانت هذه الحلبة في شكل قطع ناقص طوله ٢٢٠٠ قدم وعرضه ٧٠٥، وكان فيها مقاعد خشبية في ثلاث جهات منها تتسع لمائة وثمانين ألفاً من النظارة (٣٣). وفي وسعنا أن نقدر ثروة رومة إذا عرفنا أن تراجان أعاد بناء هذه المقاعد من الرخام.
وكان بناء الكلوسيوم بناء متواضعاً إذا قيس إلى هذه الحلبة الكبرى، فقد كانت مقاعده لا تتسع لأكثر من خمسين ألفاً، ولم يكن تصميمه جديداً؛ لأن مدن إيطاليا اليونانية كانت من زمن بعيد تحتوي مدرجات مثله؛ فقد أنشأ كوريو Curio كما قلنا من قبل مدرجاً في عام ٥٣ ق. م،