وبنى قيصر مدرجاً آخر في عام ٤٦، وبنى استاتليوس تورس Statilius Taurus مدرجاً ثالثاً في عام ٢٩ ق. م. وكان فسبازيان هو الذي بدأ المدرج الفلافي- وهو الاسم الذي كان الرومان يطلقونه على الكلوسيوم- كما كان تيتس هو الذي أتمه في عام ٨٠ م، ولا نعرف اسم المهندس الذي أشرف على بنائه. وقد اختار فسبازيان لبنائه البحيرة التي كانت في قصر نيرون بين التل الكئيلي Caelian والتل البلاتيني. وقد شيد من الحجر الترافتيني (١) على شكل إهليلجي يبلغ طول محيطه ١٧٠٠ قدم. وكان ارتفاع سوره الخارجي ١٥٧ قدماً، وكان مقسماً إلى ثلاثة أطباق يقوم بعض طابقه الأول على أعمدة تسكانية-دورية، ويقوم طابقه الثاني على عمد أيونية، والثالث على عمد كورنثية، وبين كل عمودين عقد. وكانت الدهاليز الرئيسية مسقوفة بأقبية اسطوانية تتقاطع في بعض المواضع على طراز أديرة العصور الوسطى. وكان داخله مقسماً أيضاً إلى ثلاث طبقات تستند كل منها إلى أعمدة، وتنقسم إلى الحلقات من المقصورات والمقاعد، متحدة في مركزها تقطعها طرقات ذات درج فتقسمها إلى "أوتاد" Cunei. ويبدو داخله للناظر إليه في هذه الأيام كأنه كتلة ضخمة من البناء قطع فيه صانع جبار عقوداً وطرقات ومقاعد. وكان داخله يزدان بالتماثيل وغيرهما من وسائل التجميل، وكانت كثير من صفوف المقاعد مصنوعة من الرخام، وكان للمدرج ثمانون مدخلاً خصص أثناء منها للإمبراطور وحاشيته. وكانت هذه المداخل والمخارج Vomitoia تكفي لإخراج الجماهير الغفيرة التي تملأ هذا المدرج الضخم في دقائق معدودات. وكان يحيط بالحلبة التي يبلغ اتساعها ٢٨٧ قدماً في ١٨٠ سور يبلغ ارتفاعه خمس عشر قدماً يعلوه دبرزون يحمي وحوشه الآدميين من وحوش الغاب. وليس الكلوسيوم من المباني الجميلة المنظر، وإن ضخامته
(١) هذا هو الاسم الذي يطلقه الإيطاليون على الحجر الجيري التي يتكون من رواسب مياه الفوارات الذائب فيها الجير. (المترجم)