للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يقاسين آلام الوضع ومتاعب تربية الأبناء، أما الفرش المذهبة فقلّما تضم امرأة حاملاً؛ ألا ما أشد حذق المجهضين وما أقوى العقاقير المجهضة! " ولكنه مع هذا يقول للزوج "أعطها الدواء وأنت مغتبط، فإنك قد تجد نفسك، إن ولدت، أباً لطفل حبشي" (٧). وأما قتل الأطفال فقد كان نادراً في هذا المجتمع المستنير (١).

على أن قلة نسل الطبقات المثرية في رومة والإمبراطورية الرومانية كان يقابله من الناحية الأخرى كثرة الهجرة وخصب الطبقات الفقيرة، ولذلك ظل سكان رومة والإمبراطورية في ازدياد مستمر. وقد قدر بلوك Belcok سكان رومة في عهد الإمبراطورية الأول بثمانمائة ألف، وقدرهم جين بمليون ومائتي ألف، وقدرهم ماركوارت Marquardt (٢) بمليون وستمائة ألف. وقدر بلوك سكان الإمبراطورية بأربعة وخمسين مليوناً، كما قدرهم جبن بمائة وعشرين مليوناً (١١). وظل عدد الأشراف كما كان من قبل، ولكنهم كانوا كلهم تقريباً يختلفون في أصولهم عن الأشراف القدامى؛ فلم نعد نسمع عن أسر إيمليوس، وكلوديوس، وفابيوس، وفليريوس؛ ولم يبق من العشائر القديمة التي ظلت من عهد قيصر تفخر بأصولها وتختال في رومة إلا أسرة كرنليوس. فمن هذه الأسر من حصدته الحروب أو الاغتيالات السياسية، ومنها من قضت عليه قيود الزواج وتحديد النسل، والعجز الجنسي، ومنها من افتقر حتى أصبح في عداد الطبقات الدنيا. وحل محل هذه الأسر في رومة رجال الأعمال الرومان، وأعيان البلدان


(١) وكان بعض البنات واللقطاء يعرضون أحياناً لتقلبات الجو في القرن الأول بعد الميلاد. وكان ذلك يحدث عادة عند عمود الرضاع Columna Lactaria- وقد سمي بهذا الاسم لأن الدولة كانت ترسل المرضعات لتغذية من يعثر عليهن هناك من الأطفال وإنقاذ حياتهم ١٠. على أن التخلص من الأطفال غير المرغوب فيهم عادة شائعة في كل المجتمعات إلا المجتمعات التي لا تستمتع بقسط من الحضارة.
(٢) وقد بلغ عدد سكان رومة في عام ١٩٣٧ حوالي ١. ١٧٨. ٠٠٠ نسمة.