للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما كان الأغنياء يستأجرون المربين لأبنائهم، ولكن كونتليان حذرهم من هذا العمل كما حذر منه إمرسن Emerson لأنه يحرم الطفل صداقة زملائه التي لا غنى له عنها في نشأته، كما يحرمه عامل المنافسة التي تنبه قواه وتنشطها. وكان أبناء الطبقات الحرة وبناتها يدخلون المدرسة الأولية عادة في سن السابعة، يصحب كلاً منهم في غدوه ورواحه "مرشد الطفل" (بداجوج Paedagogue) ليحافظ عليه من الناحيتين الجسمية والخلقية. وانتشرت هذه المدارس في جميع أنحاء الإمبراطورية فلم تخل منها بلدان الريف الصغيرة. وتوحي الكتابة المخرفشة (١) التي كشف على جدران بمبي بأن أهلها لم يكن بينهم أميون، وأكبر الظن أن التعليم كان وقتئذ منتشراً في عالم البحر الأبيض انتشاراً لا يقل عنه في أي وقت سابق لهذا العهد أو لاحق. وكان المرشد (البدجوج) والمعلم (لودي مجستر Ludi Magister) من اليونان الأرقاء أو المحررين. وكان كل تلميذ في أيام هوراس وفي البلدة التي كان يعيش فيها يؤدي للمدرس في كل شهر ثمانية آسات (٤٨ slash ١٠٠ من الريال الأمريكي) (٣٠). وبعد ثلثمائة وخمسين سنة من ذلك الوقت جعل دقلديانوس الحد الأعلى للمدرس في المرحلة الأولية من مراحل التعليم خمسين ديناراً (٢٠ ريالاً أمريكياً) عن كل تلميذ في كل شهر؛ وفي وسعنا أن نحكم من هذا على ارتفاع قدر المدرس أو انخفاض قيمة الآس.

فإذا بلغ التلميذ (أو التلميذة) الثانية عشرة من عمره، وكان ناجحاً، أدخل مدرسة ثانوية أو عالية، وكان في رومة مائة وثلاثون مدرسة من هذا النوع. وكان التلاميذ يدرسون فيها قدراً أوفى من النحو، واللغة اليونانية، والآداب اليونانية واللاتينية، والموسيقى، والفلك، والتاريخ، والأساطير، والفلسفة؛ وكانت الطريقة المألوفة في هذه الدراسة هي المحاضرات التي تشرح أقوال الشعراء الأقدمين. ويلوح أن منهج الدراسة حتى هذه المرحلة كان واحداً للذكور والإناث


(١) في المحيط المخرفش المخلط وقد ترجمنا بها كلمة Scribbling (المترجم)