للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان مباحاً بحكم العادة، واسع الانتشار لا يرى فيه مسبة ولا عار. انظر إلى قول هوراس: "لقد أصاب قلبي سهم الحب"، فهل يعرف القارئ من الذي رمى الشاعر بهذا السهم؟ إنه "ليسيكوس الذي لا تضارعه أية امرأة في رقته"؛ ولا شيء يشفي الشاعر من هذه العاطفة القوية "إلا شعلة أخرى من نار الحب تشعلها بين جوانحه فتاة جميلة أو يشعلها فتى آخر نحيل" (٣٧). وتدور خير نكات مارتيال الشعرية حول اللواط. ومن قصائد جوفنال في الهجو قصيدة لا يليق نشرها تردد شكوى إحدى النساء من هذه المنافسة المرذولة منافسة الغلمان للنساء (٣٨). وكان الغزل الشعري في الذكور والإناث على اختلاف قيمته واسع الانتشار بين الشباب والفتيان الذين لم تنضج أجسامهم بعد.

وكان ثمة صراع شديد بين الزواج وبين هذه المنافذ الجنسية المنافسة له، وكان يجد له أنصاراً من الذين يتوقون لأن يكون لهم أبناء، ومن سماسرة الزواج، وبفضل هذا العون كان في وسع كل فتاة تقريباً أن تجد لها زوجاً مؤقتاً على الأقل. وكانت النساء غير المتزوجات اللاتي يجاوزن التاسعة عشرة من العمر يعتبرن عوانس ولكن عددهن كان قليلاً. وقلّما كان الخطيب يرى خطيبته قبل الزواج، ولم تكن هناك مغازلة وتحبب، وليس في لغة الرومان لفظ للتعبير عن هذا المعنى. وقد شكا سنكا من أن كل شيء يجرب قبل الشراء عدا الزواج فإن العريس لا يجرب عروسه (٣٩). ولم تكن الرابطة العاطفية قبل الزواج مألوفة، وكان الشعر الغزلي يخاطب به النساء المتزوجات أو النساء اللائي لا يفكر الشاعر قط في أن يتزوج بهن. وكانت مداعبة النساء تأتي بعد الزواج، كما كان يحدث في الظروف المشابهة لظروف الرومان في فرنسا في العصر الوسيط وفي هذه الأيام. وكان سنكا الأكبر يعتقد أن الزنى منتشر بين نساء الرومان في أوسع نطاق (٤٠)، وكان ابنه الفيلسوف يظن المرأة المتزوجة التي تقنع بعاشقين تعد آية في الإخلاص لزوجها (٤١). ويقول أوفد الساخر: "ليس ثمة نساء طاهرات إلا اللاتي لم يطلبهن أحد، وإن