الرجل الذي يغضب من صلات زوجته الغرامية رجل جلف" (٤٢). قد لا تكون هذه إلا أساليب أدبية مما يلجأ إليها الكُتّاب، ولعل أصدق منها تلك القبرية التي كتبها كونتس فسبلو Quintus Vespillo على قبر زوجته: "قلّما يدوم زواج حتى الموت من غير طلاق، ولكن زواجنا ظل زواجاً سعيداً إحدى وأربعين سنة"(٤٣). ويحدثنا جوفنال عم امرأة تزوجت ثماني مرات في خمس سنين (٤٤)؛ وسبب ذلك أن الرابطة بين الزوجين لم تكن في بعض الأحيان هي الحب بل كانت المال أو السياسة، ومن أجل ذلك كانت بعض النساء يرين أنهن قد أدين واجبهن كاملاً إذا ما أسلمنا بائذتهن إلى أزواجهن وأجسامهن إلى عشاقهن. ويقول جوفنال على لسان زانية تخاطب زوجها الذي فاجأها على غير انتظار:"ألم نتفق على أن يفعل كل منا ما يحلو له؟ "(٤٥). وكان للمرأة في ذلك العهد مثل ما لها الآن من "الحرية" الكاملة إذا ما استثنينا من ذلك الحقوق السياسية الشكلية وحرفية القوانين الميتة. لقد كان التشريع يبقي المرأة خاضعة أسيرة، ولكن العادة جعلتها حرة طليقة.
وكان معنى هذا التحرر في بعض الأحيان أن تقوم بنصيبها من العمل كما هي الحال في هذه الأيام؛ فمنهن من كن يعلمن في الحوانيت أو المصانع وخاصة في الحرف المتصلة بالنسيج، ومنهن من أصبحن محاميات أو طبيبات (٤٦)، وأصبح لبعضهن سلطان سياسي قوي؛ وكانت زوجات حُكّام الأقاليم يستعرضن الجند ويخطبنهم (٤٧). وكانت العذارى الفستية يتوسطن لأصدقائهن في الحصول على المناصب السياسية، وكانت نساء بمبي ينقشن على الجدران أسماء من يفضلن من الرجال لتولي هذه المناصب. وكان المحافظون يبدون الألم والشماتة حين ظهر لهم أن قد وقع ما حذرهم منه كاتو حين قال إن النساء إذا ما تساوين بالرجال سيحولن هذه المساواة إلى سيادة لهن. وقد ارتاع جوفنال رأى من النساء ممثلات، ورياضيات، ومصارعات وشاعرات (٤٨)، ويصفهن مارتيال بأنهن يصارعن