للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوحوش، ومنها السباع في المجتلد (٤٩). ويحدثنا استاتيوس عن نساء قتلن في هذه المصارعات (٥٠). وكانت النساء ينتقلن في الشوارع محمولات في الهوادج: "يعرضن أنفسهن من كل ناحية للناظرين" (٥١). وكن يتحدثن إلى الرجال في الأروقة، والمتنزهات والحدائق، وساحات المعابد؛ ويرافقنهم إلى المآدب العامة والخاصة، وإلى المدرجات، ودور التمثيل، حيث "تكون أكتافهن العارية" كما يقول أوفد "من المناظر التي تسر العين وتبعث على التفكير" (٥٢). والحق أن المجتمع الروماني في ذلك العهد كان مجتمعاً مرحاً، متعدد الألوان، مختلط الصلات الجنسية، لو شهده اليونان في عصر بركليز لتولتهم منه الدهشة. وكانت نساء الطبقات الراقية في فصل الربيع يملأن القوارب، والشواطئ، والبيوت الريفية ذات الحدائق في بايي Baiae وغيرها من المصايف تعج بضحكهن، ويعرضن فيها جمالهن، ومغامرات عشقهن، ودسائسهن السياسية. وكان الطاعنون في السن من الرجال ينددون بهذه الفعال وهم يتمنون أن لو استطاعوا الاستمتاع بها.

وكانت النساء الطائشات أو الفاسدات يؤلفن وقتئذ كما يؤلفن الآن أقلية ظاهرة تقع عليها العين في كل مكان. وكان ثمة عدد يماثلهن- وإن لم يكن على الدوام ظاهرات مثلهن- من النساء اللائي يعشقن الفن أو الدين أو الأدب. فقد كان الرومان يرون أن شعر سابيشيا Sulpicia جدير بأن يتناقله الناس كشعر تيبلس Tibullus سواء بسواء. وكان شعرها غرامياً متطرفاً في الغرام، ولكنه كان موجهاً إلى زوجها ولهذا لا تكاد ترى فيه ما يبعده عن الفضيلة (٥٣). وكانت ثيوفيلا Theophila صديقة مارتيال فيلسوفة، متمكنة من مبادئ الرواقيين والأبيقوريين، وكانت بعض النساء يشغلن وقتهن في الأعمال الخيرية والخدمات الاجتماعية، ومنهن من أنشأن في مدنهن المعابد، ودور التمثيل، والأروقة ذات العمد، وكن يناصرن جماعات الكهنة. وفي نقش عند لنورفيوم Lanurvium