حديت "عن جمعية النساء" (Curia Mulierum) . وكان في رومة ناد للسيدات، ولا يبعد أن إيطاليا كان بها اتحاد أهلي لنوادي النساء. ومهما يكن من أمر هذه النوادي والمجتمعات فإننا بعد أن نقرأ ما كتبه عنها مارتيال وجوفنال لا نكاد نصدق أنه كان في رومة هذا العدد الكبير من فضليات النساء. كان فيها أكتافيا التي ظلت وفيه لأنطونيوس رغم خياناته الكثيرة لها، تربى أبناءه من زوجات أخرى؛ وكان فيها أنطونيا ابنتها المحبوبة وأرملة دروسس الطاهرة وأم جرمانكوس الكاملة؛ وملونيا Mallonia التي أنبت تيبيريوس على ملأ من الناس لكثرة آلامه ثم قتلت نفسها، وأريابيتا Arria Paeeta التي طعنت صدرها بالخنجر حين تلقى زوجها كاسينا بيتس Caecina Paetus أمر كلوديوس بأن يقتل نفسه ثم أسلمت هذا الخنجر وهي تحتضر إلى زوجها وهي تؤكد له "أنه لا يؤلم (٤٥) "، وبولينا التي حاولت أن تموت مع سنكا؛ وبولتا التي حاولت أن تموت جوعاً حين أمر نيرون بقتل زوجها، ثم انتحرت مع أبيها، لما أن صدر أمر نيرون بقتله (٥٥). وإبكارس Epicharis المعتوقة التي تحملت كل أنواع العذاب ولم تكشف عن مؤامرة بيزو Piso. وإن تنس لا تنس النساء الكثيرات اللاتي أخفين أزواجهن وحمينهن في عهد القتل والتعذيب والتشريد، واللاتي رافقنهم في المنفى، أو دافعن عنهم كما دافعت فانيا Fannia عن زوجا هلفديوس Helvidius، وعرضن أنفسهن لأشد الأخطار" إن هؤلاء وحدهن إذا وزن في ميزان مع العاهرات اللاتي ورد ذكرهن في نكات مارتيال وقوارص جوفنال ليرجحن عليهن بلا ريب.
وكان من وراء هؤلاء النسوة اللاتي اشتهرن ببطولتهن كثيرات من النساء المغمورات اللائي لم يذكر التاريخ أمرهن واللائي كان وفاؤهن لأزواجهن وتضحياتهن في سبيل أبنائهن الدعامة القوية التي أبقت على صرح الحياة الرومانية. لقد ظلت الفضائل الرومانية القديمة- فضائل التقي والوقار