السواء. وكان هو والتيل يصبغ بالأصباغ الغالية، وكثيراً ما كان الثري الروماني يدفع ألف دينار ثمناً لرطل من صوف صور المزدوج الصباغة (٦٧). وكان التطريز بخيوط الذهب والفضة يستخدم لتزيين الثياب، والسجف، والطنافس، وأغطية، الفرش. وكانت أحذية النساء تصنع من الجلد اللين الرقيق أو القماش، وتفصل أحياناً تفصيلاً جميلاً، وكانت مفتوحة من أعلاها، تزركشن أحياناً بالذهب وتحلى بالجواهر (٦٨)، وتضاف إليها الكعوب العالية أحياناً لتعوضهن ما حرمتهن منه الطبيعة.
وكانت الجواهر عنصراً هاماً في جهاز النساء، فكانت الخواتم، والأقراط وعقود العنق والصدر، والتمائم، والأساور، والمشابك، من مستلزمات الحياة. وقد ارتدت لوليا بولينا Lollia Poulina يوماً ما ثوباً مغطى من رأسها إلى قدمها بالزمرد واللؤلؤ، وكانت تحتفظ معها بالإيصالات الدالة على أن هذه الجواهر قد كلفتها أربعين مليون سسترس (٦٩). ويصف بلني أكثر من مائة نوع مختلفة من الحجارة الكريمة المعروفة في رومة. وكان تقليد هذه الجواهر تقليداً محكماً صناعة رائجة يشتغل بها عدد كبير من الصناع. وكان "الزمرد" الروماني المصنوع من الزجاج أرقى كثيراً من مثيله في هذه الأيام، وقد ظل بائعو الجواهر يبيعونه على أنه زمرد حقيقي حتى القرن التاسع عشر بعد الميلاد (٧٠). وكان الرجال والنساء على السواء مولعين باقتناء الحجارة الكبيرة التي تستلفت النظر؛ وقد وضع أحد أعضاء مجلس الشيوخ في خاتم له "عين هر" في حجم البندقة، ولما سمع بذلك أنطونيوس، أمر بأن يدون اسمه في سجل المحكوم عليهم بالنفي؛ ولكن الشيخ فر وفي إصبعه مليونا سسترس. وما من شك في أن الجواهر كانت في ذلك الوقت- كما كانت في كثير من الأحيان- وقاية من التضخم المالي أو الثورة. وكانت الصحافة الفضية وقتئذ مألوفة عند جميع الطبقات إلا أفقرها. وقد أصدر تيبيريوس وغيره من الأباطرة