حجرات للألعاب كلعب النرد والشطرنج (٨٣)، ومعارض للصور والتماثيل ومنصات يجلس عليها الأصدقاء ليتحدثوا، ومكتبات وحجرات للمطالعة، وأبهاء يجلس فيها موسيقى يعزف أو شاعر ينشد بعض قصائده، أو فيلسوف يفسر أسرار العالم. وكان المجتمع الروماني يلتقي في هذه الساعات التي يقضيها في هذه الحمّامات بعد الظهيرة، ويختلط فيها النساء والرجال بلا قيد، ويلهون، ويتناقشون، ويتغازلون على سجيتهم، ولكنهم لا يخرجون عن جادة الأدب. في هذه الأماكن وفي الملاعب كان الرومان يشبعون شهوتهم في الحديث وحبهم للثرثة وتتبع الأنباء، ويعرفون كل ما يحدث داخل البيوت من حوادث وفضائح.
وكان في وسعهم إذا شاءوا أن يتناولوا طعامهم في مطعم الحمام، ولكن كثرتهم كانت تفضل الطعام في البيت. ولعل السبب في نشوء عادة النوم بعد هذه الوجبة هو ما يعتريهم من تراخ وكسل بسبب الجهد والحمّام الحار. وكانت النساء في بادئ الأمر يجلسن بمعزل عن الرجال حين يضطجع هؤلاء، أما في العصر الذي نتحدث عنه فقد كانت النساء تضطجع إلى جوار الرجال، وقد سميت حجرة الطعام المسماة عندهم "تركلينيوم أي ذات المضاجع الثلاثة" بهذا الاسم لأنها كانت تحتوي في العادة على ثلاثة مضاجع حول الخوان يتسع كل واحد منها عادة لثلاثة أشخاص. وكان من يتناول الطعام يسند رأسه على ذراعه اليسرى وذراعه على وسادة، ويمد جسمه في خط مستقيم متجه إلى الجهة المقابلة للمائدة.
وظلت الطبقات الفقيرة تعيش أكثر ما تعيش على الحبوب، ومنتجات الألبان، والخضر، والفاكهة، والنقل. ويذكر بلني أنواعاً كثيرة من الخضر التي يطعمها الروماني تختلف من الثوم إلى السلجم. وكان الأغنياء يأكلون اللحم ويكثرون من أكله إكثار النهمين المستهترين، وكان أحبه إليهم لحم الخنزير. ويمتدح بلني الخنازير لأنها تمد الرومان بخمسين نوعاً مختلفاً من الأطعمة (٨٤).