خاصة يبدل فيها ثيابه، ثم ينطلق إلى مكان التمارين العضلية ليلاكم، أو يصارع، أو يستبق، أو يقفز، أو يقذف القرص أو الحربة، أو يلعب الكرة. وكانت ألعاب الكرة على أنواع منها نوع شبيه بلعبة "الكرة الطبية" عندنا، ومنها نوع آخر تتنازع الكرة فيها طائفتان وتعدو بها كل طائفة إلى الأمام بحماسة لا تقل عن حماسة اللاعبين من طلبة الجامعات في هذه الأيام (٧٩). وكان لاعبو الكرة المحترفون يأتون أحياناً إلى الحمامات ليعرضوا ألعابهم على روادها (٨٠). أما كبار السن الذين يكتفون بأن يشاهدوا ألعاب غيرهم فكانوا يذهبون إلى حجرات التدليك حيث يزيل لهم العبيد ما تراكم في أبدانهم من الدهن.
ثم ينتقل المستحم إلى الحمام ذاته، فيدخل أولاً حجرة متوسطة الحرارة يسخنها هواء دفيء، ثم يخرج منها إلى الحجرة الحارة ذات الهواء الحار، فإذا أراد أن يتصبب عرقه أكثر مما تصبب في هاتين الحجرتين انتقل إلى حجرة أخرى فيها بخار شديد الحرارة. ثم يستحم بالماء الساخن ويغسل جسمه بشيء جديد تعلمه من الغاليين- وهو صابون مصنوع من الشحم ورماد خشب الزان والدردار (٨١) وهذه الحجرات الساخنة كانت أحب الحجرات إلى الشعب، وهي التي سمى اليونان الحمامات باسمها؛ ولعلها كانت هي المحاولة التي بذلها الرومان لتخفيف وطأة داء الرثية وأوجاع المفاصل (٨٢). ويتنقل المستحم بعدئذ من حجرة إلى حجرة كل منها أقل حرارة من سابقتها، حتى يصل إلى الحجرة الباردة فيغتسل فيها بالماء البارد، ويستطيع إذا شاء أن يغطس في حمام السباحة. ثم يدلك بالزيت أو بعض المراهم المصنوعة في العادة من زيت الزيتون. ولم تكن هذه الزيوت والمراهم تغسل عن الجسم، بل كان يكتفي بحكها بمكشط ثم يجفف الجسم بقطيلة، وذلك لكي يعود بعض الزيت إلى الجسم بدل الشحم الذي أزاله منه الحمام الحار.
وقلّما كان المستحم يغادر الحمّام بعد أن يصل إلى هذا الحد، لأن هذه الأماكن لم تكن حمّامات فحسب، بل كانت بالإضافة إلى هذا نوادي، فيها