بالحركات التمثيلية أو الرقص. ولم يكن من الأمور الشاذة النادرة أن يصحب التمثيل الصامت ثلاثة آلاف راقص (١٠٠). وكان قوام الفرقة الموسيقية النايات تساعدها القيثارات، والصنج، والمزامير، والأبواق، والاسكابلا Scabella وهي ألواح معدنية تشد إلى أقدام بعض أفراد الفرقة يضربونها بها فتحدث أصواتاً أشد إزعاجاً من أصوات الفرق الموسيقية الحديثة في أعلى قوتها. ويشير سنكا إلى الإيقاع في عزف الأفراد (١٠١)، ولكنا لا نجد ما يدل على وجوده عند الفرق الموسيقية القديمة. وكانت الموسيقى التي تصحب الغناء تعلو عنه في النغمة عادة ولكن مبلغ علمنا أنها لم تكن تسير على نظام متدرج متتابع واضح.
وكان مهرة الموسيقيين كثيرين، وكذلك كان غير الماهرين، فقد كان ذوو المواهب يهرعون إلى مركز الذهب في العالم من جميع الولايات، وكان نظام الاسترقاق يسمح بتدريب فرق المغنين والعازفين في نطاق واسع وإن كان كثير النفقات. وكان للكثير من الجماعات والهيئات الفنية موسيقيون تختص بهم، وكانت ترسل من تتوسم فيهم النبوغ منهم إلى مهرة الأساتذة لرفع مستواهم، فمنهم من تخصصوا في العزف على القيثارة وأقاموا الحفلات يغنون فيها ويعزفون؛ ومنهم من تخصصوا في الغناء وكان هؤلاء في العادة يؤلفون أغانيهم، وآخرون منهم كانوا يقيمون الحفلات يعزفون فيها على الأرغن وينفخون في الناي، ومن هؤلاء كانوس Cannus الذي كان يفخر كما يفخر بيتهوفن بأن موسيقاه تستطيع تخفيف الحزن وزيادة الفرح، وتعين على التقي وتلهب نار الحب في الصدور (١٠٢). وكان هؤلاء الموسيقيون المحترفون يطوفون الولايات النائية في الإمبراطورية، يكسبون المال والثناء وتقام لهم التماثيل ويفتتن بهم النساء، ومنهم على حد قول جوفنال، من كانوا يبيعون حبهم ليزيدوا بذلك أجورهم (١٠٢). وكانت النساء يتنافسن في الحصول على الريشة التي يمس بها مشهورو الموسيقيين أوتار آلاتهم، ويقربن القرابين على المذابح ليفوز من يحببن من الموسيقيين في