الإمبراطور بإطعام الجماهير المحتشدة كلها من خيراته، وأن تنثر الأطعمة الشهية والهدايا على الجماهير فتتلقفها أيديهم. وإذا ما أقيمت الألعاب في الليل، وكان هذا يحدث أحياناً، كان في الاستطاعة إنزال دائرة من النور فوق المجتلد والنظارة. وكانت فرق موسيقية تطرب المجتمعين في الفترات التي تتخلل الألعاب؛ وفي الأوقات التي تبلغ المباريات حدتها، كانت الموسيقى تعزف أنغاماً مهيجة مثيرة مطردة العلة في النغمة.
وكانت أبسط الحوادث التي تشاهد في المدرج عرض حيوانات أجنبية تجمع من جميع أنحاء العالم المعروف: من فيلة، وأساد، ونمورة رقط وسود، وتماسيح، وأفراس بحر، وأويسات، وقردة، وفهود، ودببة، وخنازير برية، وذئاب، وزرافات، ونعام، ووعول، وغزلان، وطيور نادرة الوجود. وكان يحتفظ بهذه كلها في حدائق الحيوان التي يملكها الأباطرة والموثرون من الأهلين، وتدرب على القيام بألعاب مضحكة. فكانت القردة تعلم ركوب الكلاب وسوق المركباب، والتمثيل في المسرحيات؛ والثيران تدرب على ترك الغلمان يرقصون فوق ظهورها، وآساد البحر تدرب على النباح إذا ذكرت أسماؤها، والفيلة ترقص على صوت صنوج تضربها فيلة أخرى، أو تمشي على حبل، أو تجلس حول مائدة الطعام، أو تكتب حروفاً يونانية أو لاتينية. وكان يكتفي في بعض الأحيان بعرض هذه الحيوانات في حلل زاهية أو مضحكة، ولكنها في العادة كانت تقتل بعضها بعضاً، أو تقاتل الرجال، أو تضرب بالسهام والحراب حتى تموت. وقد حدث في أيام نيرون أن اقتتل أربعمائة نمر مع ثيران وفيلة، وقتل في يوم آخر من أيام كلجيولا أربعمائة دب، ومات في يوم تدشين الكولوسيوم خمسة آلاف حيوان (١٠٧). وإذا تبين أن الحيوانات قد فترت غريمتها عن القتال ضربت بالسياط، أو رميت بالسهام، أو كويت بالحديد المحمي ليثار غضبها فتنفر للقتال. وقد أرغم كلوديوس فرقة من الحرس البريتوري على قتال الفهود، وأرغم نيرون فرقة أخرى على أن تقاتل أربعمائة دب وثلثمائة أسد (١٠٨).