للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأدخل قيصر إلى رومة عادة صراع الثيران والآدميين، وهي العادة التي كانت شائعة في كريت وتساليا من قبله بزمن طويل، وأصبحت منذ عهده من المناظر المألوفة في المدرجات (١٠٩). وكان المجرمون المحكوم عليهم بالإعدام يلقون إلى الحيوانات التي استوحشت لهذا الغرض خاصة، وكثيراً ما كان هؤلاء الرجال يغطون بجلود لكي يشبهوا الحيوانات. وكانوا يعانون في أثناء موتهم أشد أنواع الآلام، وكانت جراحهم تتعمق أحياناً في أجسامهم حتى كان الأطباء يستخدمون هذه الأجسام لدراسة تشريحها الداخلي. وليس في العالم من يجهل قصة أندركليز Androcles العبد الآبق، وكيف ألق به إلى أسد في المجتلد بعد أن قبض عليه، ولكن الأسد كما تقول القصة تذكر أن أندركليز خرج في ذات يوم شوكة من مخلبه، فأبى أن يمسه بسوء، وكيف عفى عن أندركليز بعدئذ وظل يكسب عيشه بعرض أسده المتحضر في الحانات (١١٠). وكان يطلب إلى المقضي عليه بالموت في بعض الأحيان أن يمثل تمثيلاً واقعياً دوراً مشهوراً في إحدى المآسي: فقد يمثل دور منافسة ميديا، فيرتدي ثوباً جميلات يلتهب فجأة ويحرقه؛ وقد يمثل هرقل فيحرق حياً فوق كومة من الحطب، وقد تجب خصيتاه علناً كما فعل بأرتيز (إذا صدقنا قول ترتليان Tertullian) ، وقد يمثل دور موسيوس اسكافولا Mucius Scaevola فيبسط يده فوق نار فحم حتى تحترق؛ وقد يمثل دور إكارس Icaeus فيسقط من السماء، لا في بحر رحيم، بل بين قطيع من الوحوش الضاربة، وقد يكون باسفيا Pasipha (، فيحتضن ثوراً. وألبس أحد الضحايا مرة ثياباً كثياب أرفيوس Orpheus، وبعث به ومعه قيثارة إلى مجتلد مثلث فيه أيكة جميلة من الأشجار والجداول، ثم أطلقت من خبايا المجتلد على حين غفلة وحوش جياع ومزقه إرباً (١١١). وصلب لص يدعى لوريولس Laureolus في المجتلد ليتسلى النظارة برؤيته؛ ولما لم يلفظ آخر أنفاسه بالسرعة المطلوبة جيء إليه بدب وسلطوه عليه ومازالوا يغرونه به حتى أكله