الصدق … إني لم أظلم الناس … لم أظلم الفقراء … لم أفرض على رجل حر عملاً أكثر مما فرضه هو على نفسه … لم أهمل، ولم أرتكب ما تبغضه الآلهة … ولم أكن سببا في أن يسيء السيد معاملة عبده؛ ولم ُأمِت إنساناً من الجوع؛ ولم أُبكِ أحداً ولم أقتل إنساناً … ولم أخن أحداً … ولم ُأنقِص شيئاً من مؤونة الهيكل، ولم أتلف خبز الآلهة … ولم أرتكب عملاً شهوانيا داخل أسوار المعبد المقدسة … ولم أكفر بالآلهة … ولم أغش في الميزان … ولم أنتزع اللبن من أفواه الرضع … ولم أصطد بالشباك طيور الآلهة … أنا طاهر، أنا طاهر، أنا طاه" (٢٥٢).
على أن الدين المصري لم يكن فيه ما يقوله عن الأخلاق إلا الشيء القليل؛ ذلك أن الكهنة قد صرفوا كل همهم إلى بيع الرقى، وغمغمة العزائم، وأداء المراسيم والطقوس السحرية، فلم يجدوا متسعاً من الوقت لتعليم الناس المبادئ الخلقية. بل إن كتاب قصة الموتى نفسه ليعلم المؤمنين أن الرقى التي باركها الكهنة تتغلب على جميع ما عساه أن يعترض روح الميت من صعاب في طريقها إلى دار السلام؛ وأهم ما يؤكده هذا الكتاب هو تلاوة الأدعية لا الحياة الطيبة الصالحة. وقد جاء في أحد هذه الملفات: "إذا ما عرف الميت هذا خرج في النهار" أي حيى الحياة الخالدة. ووضعت صيغ التمائم والرقى وبيعت لتخلص الناس من كثير من الذنوب، وتضمن للشيطان نفسه دخول الجنة. وكان من واجب المصري التقي أن يتلو في كل خطوة من خطواته صيغاً عجيبة يتقي بها الشر ويستنزل بها الخير. استمع مثلا إلى ما تقوله أم وآلهة تريد أن تبعد "الشياطين" عن طفلها:
"أخرج يا من تأتي في الظلام، وتدخل خلسة … هل أتيت لتقبل هذا الطفل؟ لن أسمح لك بتقبيله … هل أتيت لتأخذه؟ لن أسمح لك بأخذه مني. لقد حصنته منك بعشب- إفيت الذي يؤلمك؛ وبالبصل الذي يؤذيك؛ وبالشهد الذي هو حلو المذاق للأحياء ومر في فم الأموات؛ وبالأجزاء الخبيثة من سمك الإبدو، وبالسلسلة الفقرية من سمك النهر (٢٥٣).