كان ينتظر منه أن يخص هذا السيد ببعضه (١١). وقصارى القول أن المعتوق لم يكن يستنشق نسيم الحرية بحق إلا بعد أن يموت سيده، وتقام جنازته، ويواري التراب بالطرق التي جرى بها العرف والتقاليد المرعية.
ومن واجبنا أن نضيف إلى الأقسام العامة من قانون لأحوال الشخصية السالف الذكر ذلك القسم الذي يطلق عليه في الشرائع الحديثة اسم خاص هو القانون الجنائي. لقد كان التشريع الروماني يحسب حساباً للجرائم التي تقع على لأفراد والدولة والهيئات الاجتماعية والتجارية بوصفها أشخاصاً معنويين. فأما الدولة فقد كان الاعتداء عليها يشمل خيانتها بالفعل أو بالقول، وعصيانها، والاعتداء على دينها الرسمي، والرشوة، وابتزاز الأموال أو الفساد في أعمالها الإدارية، أو سرقة أموالها؛ أو تقديم الرشا للقضاة أو المحلفين. ونستطيع أن نتبين من هذا الثبت لذي لا يحوي إلا عدداً قليلاً من الجرائم أن الفساد تمتد جذوره إلى أبعد العهود وأن فروعه في أكبر الظن ستظل تورق حتى المستقبل البعيد. أما الجرائم التي تقع على الأفراد فكان منها الإيذاء البدني، والغش، والفحش، والقتل؛ ويشير شيشرون في بعض أقواله إلى قانون اسكانتنيا Lex Scantinia الذي يعاقب على اللواط (٢٢). وقاوم أغسطس هذه الجريمة بفرض غرامة على مرتكبها، وقاومها مارتيال بالهجاء، ودومتيان بالإعدام. ولم يعد الإيذاء البدني يعاقب عليه في ذلك الوقت بالقصاص كما هو وارد في الجداول الاثني عشر، بل كان يعاقب عليه بالغرامة. ولم يكن الانتحار جريمة، بل إنه قبل دومتيان كان يكافأ عليه في بعض الأحيان، فكان في مقدور الرجل المحكوم عليه بالإعدام إذا لجأ إلى الانتحار أن يضمن عادة تنفيذ وصيته وانتقال أملاكه لورثته دون أن توضع في سبيل ذلك العقبات. وكان القانون يترك له الحرية المطلقة في اختيار إحدى الطريقتين ليختم بها حياته.