"الصمت" على من يرتكبها. وكان يقصد بالصمت في الغالب منع المحكوم عليه من الحضور في القضايا بشخصه أو أن ينيب عنه من يمثله؛ وأشد من هذا العقاب أن يفقد المجرم حقوقه المدنية Capitis Drminutiso. وكان فقدان هذه الحقوق يتدرج من فقد الأهلية للميراث، إلى الطرد من البلاد، إلى الاسترقاق. وكان الطرد أقسى صورة من صور النفي: فقد كان المطرود يقيد بالأغلال، ويحجز في مكان حقير، وتنتزع منه كل أملاكه. أما النفي Exilium فكان أخف من الطرد، فقد كان يسمح فيه للمنفى أن يعيش حراً في أي مكان يشاء خارج إيطاليا؛ ويختلف الطرد والنفي عن الأبعاد، ذلك أن الإبعاد- كما حدث لأوفد- لم يكن يتضمن مصادرة المال، وكل ما في الأمر أن المبعد كان يرغم على الإقامة في بلدة معينة، بعيدة في العادة عن رومة. وقلما كان يلجأ إلى السجن ليكون عقوبة دائمة، ولكن كان في الاستطاعة أن يحكم على الرجال بالاشتغال في الأعمال العامة، أو في المناجم أو المحاجر التي تستغلها الدولة. وكان في وسع الرجل الحر المحكوم عليه بالإعدام في عهد الجمهورية أن ينجو من العقاب إذا أخرج من رومة أو من إيطاليا؛ وازدادت أحكام الإعدام في عهد الإمبراطورية في عددها وقسوتها، فكان أسرى الحرب، والمحكوم عليهم بالإعدام من غير الأسرى في بعض الأحيان، يلقون في جب تليان ليموتوا من الجوع وفتك الحشرات القارضة والقمل في السراديب المظلمة وسط الأقذار التي لا يستطيعون إزالتها (٤٦). وفي مثل هذه الأماكن مات ججورتا وسيمون بن جيوفا Simon Ben- Giova البطل الذي دافع عن أورشليم ضد تيتس، وفي مثلها كما تقول الرواية المتواترة: عذّب القديسان بطرس وبولس قبل أن يصلبا، وكتبا آخر رسائلهما إلى العالم المسيحي الناشئ.