وقد يسرت مرونة قانون الأمم انتقال القانون الروماني إلى الدول الأخرى في العصور الوسطى وفي عصرنا الحاضر. وكان من محاسن الصدف أنه بينما كانت الفوضى التي أعقبت غارات البرابرة تقضي على التراث القانوني في غربي أوربا، كان قانون جستنيان، وموجزه، ونظمه تجمع وتصاغ في القسطنطينية في ظل الاستقرار والثبات النسبيين السائدين في شرقيها. وبفضل هذه الجهود، وعشرات الوسائل الأقل منها شأناً، وأساليب الحياة الصامتة الدائبة، دخل القانون الروماني في الشرائع الدينية التي سنتها الكنيسة في العصور الوسطى، وكانت هي الوحي الملهم لعقول المفكرين في عصر النهضة، وأضحت هي الأساس التي قامت عليه قوانين إيطاليا، وأسبانيا، وفرنسا، وألمانيا، وبلاد المجر، وبوهيميا، وبولندة، بل واسكتلندة، وكوبك، وسيلان، وأفريقية الجنوبية من بلاد الإمبراطورية البريطانية. ولقد استمد القانون الإنجليزي نفسه، وهو الصرح القانوني الوحيد الذي يضارع القانون الروماني في اتساع المدى، قواعد العدالة، والقوانين البحرية، والولاية، والإرث من القانون الروماني. وإذا أحصينا أثمن ما ورثناه من العالم القديم قلنا إنه هو العلوم والفلسفة اليونانية، والمسيحية اليهودية اليونانية، والديموقراطية اليونانية الرومانية، والقانون الروماني.