في آخر الأمر. وقد جعل بارثيا، وأرمينية، وأشور، وبلاد النهرين ولايات، وكان من مفاخر هذا الإسكندر الجديد أن اختار لكل بلد من هذه البلاد التي كانت قديماً ن أعداء رومة، ملكاً خاضعاً لسلطانه وأجلسه على عرشه. ووقف تراجان على شواطئ البحر الأحمر وقال إنه يؤسفه أشد الأسف أن شيخوخته تحول بينه وبين مواصلة الزحف إلى نهر السند كما فعل القائد المقدوني العظيم، واكتفى بأن أنشأ في البحر الأحمر أسطولاً يسيطر به على طريق الهند وعلى تجارتها، ووضع حاميات في جميع النقط ذات الأهمية الحربية وعاد وهو كاره إلى رومة.
لكن تراجان كان قد عدا طوره فذهب كما ذهب أنطونيوس إلى أبعد مما يجب وبأسرع ما يجب، وأهمل تنظيم فتوحه وخطوط اتصاله. فلما وصل إلى أنطاكية علم أن أسروس Asroes ملك بارثيا الذي خلعه قد حشد جيشاً جديداً استعاد به ما بين النهرين، وأن نار الفتنة اشتعلت في جميع الولايات الجديدة، وأن يهود الجزيرة، ومصر، وقوريني قد خرجوا عليه وأشعلوا نار الثورة في البلاد، وأن الاستياء قد عم بلاد لوبيا، ومورتانيا، وبريطانيا. وأراد المحارب الشيخ أن ينزل إلى ميدان القتال مرة أخرى، ولكن قوته الجسمية لم تسعفه. ذلك أنه أنهك جسمه بأن عاش في الشرق الحار بنشاط الغرب البارد، فأصيب بداء الاستسقاء، وعدت عليه ضربة شلل جعلت إرادته القوية لا حول لها ولا طول في جسمه المهدم. ومن أجل ذلك عهد وهو مكتئب حزين إلى لوسيوس كويتس Lucius Quietus أن يقلم أظفار الفتنة الناشبة في أرض الجزيرة، وأرسل مارسيوس تربا Marcius Turba لإخضاع اليهود في أفريقية؛ وولى هدريان ابن أخيه قيادة الجيش