الشتاء في طرقونة Tarragona في شمالي أسبانيا، وبينما هو سائر بمفرده في حديقة مضيفه إذ هجم عليه عبد وسيفه مسلول في يده وحاول أن يقتله. ولكن هدريان تغلب عليه وأسلمه في هدوء إلى الخدم، فوجده مختل العقل.
وفي ربيع عام ١٢٣ قاد بعض الفيالق ليحارب المغاربة الضاربين في شمالي أفريقية الغربي، والذين كانوا يغيرون على مدن مورتانيا الرومانية، فهزمهم وردهم على أعقابهم إلى تلاهم؛ ثم أبحر إلى إفسوس، حيث قضى فصل الشتاء، ثم زار مدن آسية الصغرى واستمع إلى مطالب أهلها وشكواهم، وأنزل العقاب بمن أساءوا استخدام سلطتهم من الموظفين، وكافأ القادرين منهم، وأعد المال والرسوم، والعمال لتشييد الهياكل والحمامات ودور التمثيل. وكانت سزكس Cyzicus ونيقية Nicaea، ونيقوميديا Nicomedia قد نكبت بزلزال شديد، فأصلح هدريان ما تخرب منها بنفقات من أموال الدولة، وشاد في سزكس هيكلاً عد من فوره بين عجائب الدنيا السبع (٢٥). ثم اتجه شرقاً محاذياً ساحل بحر اليكسين إلى طرابزوس Trapezus، وأمر حاكم كبودكيا- المؤرخ أريان Arrian- أن يبحث أحوال جميع الثغور الواقعة على البحر الأسود، وأن يعد له تقريراً عنها؛ ثم اتجه نحو الجنوب الغربي، واخترق بفلجونيا Paphlagonia، وقضى الشتاء في برجموم. وفي خريف عام ١٢٥ أبحر إلى رودس ومنها إلى أثينة حيث قضى شتاء طيباً سعيداً عاد بعده إلى وطنه. ولم تفارقه الرغبة في الاستطلاع وهو في الخمسين من عمره فانتقل من إيطاليا إلى صقلية، وتسلق جبل إتنا، يشاهد شروق الشمس من فوق صخرة ناتئة تعلو فوق البحر ١١٠٠٠ قدم.
ومما هو جدير بالذكر أنه استطاع أن يغيب من عاصمة ملكه خمس سنين وهو واثق من أن مرؤوسيه سيصرفون شئون الدولة كما يحب، ذلك أنه قد عمل ما يجب أن يعمله الحاكم القدير، فأنشأ ودرب أداة