الفاتيكان، والذي يتمثل فيه الطابع الواقعي الواضح الذي نشاهده في الصور الفلافية؛ وعمود تراجان مثل من النقوش الرائعة رغم كثرة ما فيه من فجاجة. ولقد بذل هدريان جهوداً مضنية لأحياء الفن اليوناني القديم، ولكنه لم يجد من يغدق عليه ماله وعونه كما أغدق بركليز المال والعون على فدياس. يضاف إلى هذا أن الإلهام الذي كان يحرك بلاد اليونان بعد مرثون، ويحرك رومة بعد أكتيوم، كان معدوماً في عصر يكبل فيه الناس أنفسهم بالقيود، ويصطنعون القناعة ويجنحون للسلم. ومن أجل هذا نرى تماثيل هدريان النصفية تعوزها الصفات المميزة لشخصيته لما فيها من خطوط هلنستية ملساء؛ ورأساً بلوتيناً وسابينا جميلتان، ولكن النفس تشمئز من صور أنثينووس لما فيها من تفاهة مخنثة ناعمة. وأكبر الظن أن هدريان قد أخطأ إذ حاول العودة إلى الفن اليوناني القديم: فقد قضى بهذه المحاولة على ما كان يمتاز به فن النحت الغلافي والتراجاني من نزعة طبيعية وفردية دافعة قوية، كانت لها جذور متأصلة في التقاليد والأخلاق الإيطالية، وما من شك في أن شيئاً ما لا يستطيع أن يتضح إلا عن طريق تحقيق طبيعته الخاصة به.
وقفز فن النحت اليوناني إلى قرب ذروته في عهد الأنطونينيين، بل إنه وصل في هذا العهد إلى درجة الكمال مرة واحدة على الأقل، وذلك في صورة فتاة مثل فيها رأسها المقنع وثيابها المتواضعة تمثيلاً رقيقاً ساحراً، وبخطوط غاية في القوة (٤٣). وتكاد تضارعها في الجمال صورة فوستينا لماركس، وهي التي تثير من الشهوة ما يتفق مع لمزات التاريخ. وقد نحتت لأورليوس نفسه أو صبت له تماثيل لا تقل أشكالها عن ألف شكل تختلف من تماثيل الكبتول النصفي الذي يمثله شاباً مفكراً سليماً من المكر والخداع ولكنه