في أي مكان أو زمان (٢٦٩). وكان من أثر هذا أن ازدهر الفن أعظم ازدهار لأن الفن في جميع العصور يحس بآلام المسغبة والقتام.
ولو أن إخناتون كان ذا عقل ناضج لأدرك أن ما يريده من خروج على تعدد الآلهة القديم المتأصل في عادات الناس وحاجاتهم، إلى وحدانية فطرية تخضع الخيال للعقل، لأدرك أن هذا تغيير أكثر من أن يتم في زمن قصيرة؛ وإذن لسار في عمله على مهل وخفف من حدة الانتقال بأن جعله على مراحل تدريجية. ولكنه كان شاعراً لا فيلسوفاً، فاستمسك بالحقيقة المطلقة فتصدع بذلك جميع بناء مصر وانهار على أم رأسه.
ذلك أنه ضرب ضربة واحدة جرد بها طائفة غنية قوية من ثرائها فأغضبها عليه، وحرم عبادة الآلهة التي جعلتها العقيدة والتقاليد عزيزة على الناس. ولما أن محا لفظ آمون من اسم أبيه خيل إلى الناس أن هذا العمل زيغ وضلال، إذ لم يكن شيء أعز عليهم من تعظيم الموتى من أسلافهم. وما من شك في أن إخناتون قد استخف بقوة الكهنة وعنادهم، وتغالي في قدرة الشعب على فهم الدين الفطري. وقام الكهنة من وراء الستار يأتمرون ويتأهبون، وظل الناس في دورهم وعزلتهم يعبدون آلهتهم القديمة المتعددة. وزاد الطين بلة أن مئات الحرف التي لم تكن لها حياة إلا على حساب الهياكل أخذت تزمجر في السر غضباً على الملك الزنديق، بل إن وزرائه وقواده بين جدران قصوره كانوا يحقدون عليه ويتمنون موته. ألم يكن هو الرجل الذي ترك الدولة تنهار وتتقطع أوصالها بين يديه؟.
وكان الشاعر الفتى في هذه الأثناء يعيش عيشة البساطة والاطمئنان. وكانت له سبع بنات ولكنه لم يكن له ولد ذكر. مع أن القانون كان يجيز له أن