تشتهر بورودها، وقمة جبلها يتوجها هيكل ذائع الصيت للإلهة فورتونا بريمجينيا Fortuna Primigenia التي كانت تحيط النساء برعايتها وقت المخاض، وتنال منهن المال نظير ما تنطق به من النبوءات. وكانت تسوكيولم Tusculum التي تبعد عشرة أميال عن روما غنية مثلها بالحدائق والقصور، وفيها وُلد كاتو الكبير، واحتفظ شيشرون بكتابه "المجادلات التسكيولاتية"(١)، وكانت أعظم ضواحي روما شهرة ضاحية تيبور (ترفولي) التي مد إليها هدريان قصره الريفي والتي قضت فيها زنوبيا ملكة تدمر سني أسرها.
وإلى شمال روما تقع إتروريا التي بُعثت في عهد الزعامة بعثاً جديداً متواضعاً، وفيها بلدة بروزيا Perusia التي خرّب أغسطس معظمها وجدد بناء بعضها، وجمّل فنانوه فيها قوسا تسكانيا قديماً وأنجبت أريتيوم Arretium ميسناس Maecenas وبعثت به إلى روما، وأخرجت خزفاً للعالم القديم، وكانت مدينة بيسي Pisae في ذلك الوقت قد عمرت طويلاً، وتعزو هذه المدينة اسمها ومنشأها إلى جماعة من المستعمرين اليونان جاءوا من بيزا Pisa في البلوبونيز وكانوا يكسبون عيشهم فيها بنقل الخشب في نهر أرنس Arnus. وقامت على هذا النهر نفسه على مسافة من هذه المدينة في اتجاه منبعه مستعمرة رومانية ناشئة تدعى فلورنتيا Florentia، يندر وجود مثلها بين المدن لأنها في أغلب الظن لم تقدّر مستقبلها حق قدره. وكان إلى الطرف الشمالي الغربي من أتروريا محاجر كررار Carrara التي كان ينقل أجمل رخام روما إلى ثغر لونا Luna ثم تحمله السفن إلى العاصمة. وكانت جنوي من زمن بعيد هي المرفأ الذي تصدر منه غلات شمالي إيطاليا الغربي. ونسمع من زمن بعيد، أي من عام ٢٠٩ ق. م، أن القرطاجيين قد دمروا تلك المدينة في حرب تجارية ضروس، وأنها دُمرت بعد
(١) ولا تزال فرسكاتي Frascati وارثة تسكيولم ملجأ أثرياء الإيطاليين. وفيها قصور الديرتديني، وترلونيا، ومندرجوني وغيرها.