مختبئ أن يتحدث بالنبوءات. وقد عثر في أحد قصور هركيولانيم الصغيرة على طائفة من التماثيل والأدوات البرنزية كانت من الكثرة بحيث امتلأت بها حجرة ذائعة الصيت في متحف نابلي. وأكبر الظن أن روائع هذه المجموعة - عطارد المستريح، ونارسس أو ديونيش، والساتير السكران وإله الحقول الراقص - كانت يونانية بأصلها أو بصنعها؛ وهي تكشف عن حذق في الصنع، وعن السرور غير المحتشم البادي في الجسم الصحيح السليم، وهما الخاصتان الماثلتان في الفن البركستيلي. ومن هذه التماثيل تمثال نصفي من البرنز لأحد الدلالين في مدينة بمبي ويدعى ل. كاسليوس أيوكندس L. Caacilius Iuoundus الذي وجدت حساباته منقوشة على ١٥٤ لوحاً من الشمع عثر عليها في داره بمدينة بمبي. ويظهر في هذا التمثال الرأس الأصلع والوجه الصارم غير المجرد من الحنو. في هذا التمثال تمتزج الخشونة بالذكاء، والحكمة بالثآليل الجلدية؛ وهو من صنع مثال معاصر - ولعله مثال إيطالي - أظهر فيه شخصية صاحبه على حقيقتها وبأحسن ما تظهر الشخصيات. والحق أن الإنسان لتستريح نفسه لوجود هذه الشخصية الواقعية إلى جانب ما يحيط بها في متحف نابلي من تماثيل الآلهة والإلهات الخالية وجوهها من الغضون، والتي تكاد تنطع معارفها الملساء الوديعة المستكنة لتخبرنا بأن أصحابها لم يعيشوا قط على ظهر الأرض.