استعمال السلطة، فإن في وسعنا أن نستدل من رسائل بلني ومن فقرات في كتاب تاستس، على أن ابتزاز المال والفساد لم يُصبحا من الأمور النادرة في آخر القرن الأول.
وكانت جباية الضرائب أهم أعمال الحاكم وأعوانه. وكانت الدولة في عهد الإمبراطوريّة تقوم بإحصاء عام في كل الولايات، تقصد به فرض الضرائب على الأرض وعلى الأملاك - ومنها على الحيوانات وعلى العبيد. وأرادت الدولة أن تشجع زيادة الإنتاج فاستبدلت بالعشور خَراجاً محدد القيمة. ولم يعد الملتزمون هم الذين يجبون الضرائب، وإن ظلوا يجبون بعض العوائد الجمركية في الثغور، ويشرفون على الأعمال الجارية في غابات الدولة ومناجمها وعلى الأشغال العامة فيها. وكان يُنتظر من الولايات أن تسهم في عمل تاج من الذهب لكل إمبراطور جديد، وأن تقوم بتكاليف إدارة الولاية، وأن ترسل في بعض الحالات سفناً محملة بالغلال إلى روما. واحتفظ في الشرق بالعادة القديمة، عادة أداء الأفراد خدمات عامة للدولة، ثم انتشرت فيما بعد من الشرق إلى الغرب. وكان للحكومة المحلية أو للوالي بمقتضى هذه العامة أن "يُطلب " إلى الأغنياء أن يقدموا قروضاً للحرب، وسفناً للأسطول، ومباني للأغراض العامة، وطعاماً لضحايا القحط، ومغنين في الأعياد والمسرحيات.
ويقول شيشرون، وهو ممن تولوا بعض المناصب العامة في الدولة، إن الضرائب التي كانت تؤديها الولايات لا تكاد تكفي نفقات الإدارة والدفاع (٣). وكان "الدفاع" عندهم يشمل القضاء على الفتن والثورات، وأكبر الظن أن نفقات "الإدارة" كانت تشمل المطالب التي خلقت ذلك العدد الكبير من الرومان أصحاب الملايين. ومن واجبنا ألا نرى حرجاً في أن ترسل أي سلطة يناط بها حفظ الأمن والنظام في ذلك الوقت جباة يجمعون أكثر مما يكفي لهذين الغرضين. على أن الولايات قد عمها الرخاء في عهد حكومة الزعامة على الرغم من