للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يقام فيه صراع ويحدث فيه الموت فيخففان من ملل الحياة السليمة الرتيبة.

وكان الذي مكن فيلقاً واحداً من حماية أفريقية الشمالية من القبائل المغيرة الضارية في الداخل هو إنشاء شبكة من الطرق، كان الغرض الأول منها عسكرياً ولكنها كانت عظيمة النفع من الناحية التجارية، وكانت تربط قرطاجنة بالمحيط الأطلنطي، والصحراء بالبحر الأبيض المتوسط. وكان للطريق الرئيسي يتجه نحو الغرب من سرتة إلى قيصرية عاصمة (مراكش)؛ وهنا نشر الملك جوبا الثاني Juba II أساليب الحضارة بين موري Mauri أي السود (المغاربة) الذين اشتق اسمهم من اسم الإقليم في الزمن القديم واسمه في هذه الأيام. وكان جوبا الثاني هذا إبن جوبا الذي مات في ثبسوس، وأخذ وهو طفلُ إلى روما ليزدان به موكب قيصر؛ ثم عفى عنه، وأخذ يدرس في روما حتى أصبح من جهابذة العلماء في أيامه. وعينه أغسطس قيلا على موريتانيا وأمره أن ينشر بين أهل وطنه الثقافة الرومانية التي جدّ في تحصيلها. ونجح في هذه المهمة، وكان من أسباب نجاحه أن امتد حكمه ثمانية وأربعين عاماً؛ ولشدّ ما كانت دهشة رعاياه حين رأوا رجلاً يكتب الكتب ويحكم. وجاء كلجيولا بإبن جوبا هذا إلى روما وأماته جوعاً، وضم كلوديوس مملكته إلى روما وقسّمها ولايتين: موريتانيا سيزرينسس Caesariensis (موريتانيا القيصرية) وموريتانيا تنجتانا Tingitana (موريتانيا التنجتانية) نسبة إلى عاصمتها تنجيس Tingis، وهي طنجة الحالية.

وكان في هذه المُدن مدارس كثيرة مفتحة الأبواب للفقراء والأغنياء على السواء. ونسمع أنه كان يدرَّسُ فيها الاختزال (١٣)، ويسمى جوفتال أفريقية مربية المحامين (١٤). وقد أنجبت في هذا العهد مؤلّفَين أحدهما صغير والآخر كبير - هما فلنتو وبوليوس. ولكن الأدب الأفريقي لم تكن له الزعامة على آداب العالم إلا أيام مجده في عهد المسيحية. وكان لوسيوس أبوليوس شخصية غريبة جديرة بالتصوير، أكثر من شخصية منكاني المتعدد الكفايات. وكان مولده في